تمر على كل بلدة وقرية، وأن يطلعك على كل حديقة في هذا الوادي وأنت في طريقك إلى بلدة السليِّل ثم إلى ليلى.
ومن ثم وقد نكبت على يمينك كل ما علا وارتفع وخلفت ما صعب وامتنع، وعلى يسارك ترى امتداد تلك الرعان المتلاحقة، وقد أوشك الطريق أن يدفع بك على مدينة السليِّل، وأنت محفوف من يمينك بانحرافات جبلية متطامنة وتكوينات متدرجة واطئة، تشبه تلالا سهلة المتون ممسوحة الظهور، وعلى يسارك ذلك الوادي العظيم يحف بجانب الطريق لا يفارقك منذ فارقت مدينة الخماسين، يمتد مع امتداده هذا الطريق، يزاحمه من جانبه بحمضه وعشرة وبغضاه وغلطته ومن ورائه مرتفعات الجيل الأشم كأنما حفت به لتحصره في اتجاه محدد وتسيره في مجرى مرسوم، وترده إلى هذه القرى والنخيل طائعا، وتضفي عليه شيئا من الجلال والروعة.
فلا تكاد عينك تفقد معالم العمران، ولا تغيب عنها خضرة النخيل ولا تفارقها رؤية ذوائب غابات النخيل والأثل إلا في لحظات وجيزة ومساحات قصيرة.
مدينة السليِّل:
تقع هذه المدينة في براح من الأرض تحف بها من الشرق تكوينات جبلية غير مرتفعة هي في الواقع انحرافات شرقية سهلة، وامتدادات متدرجة من سلاسل الجبال التي خلفتها وراءك. ينفذ الطريق من هذه التكوينات باتجاه شرقي شمالي تاركا ما سهل منها يمينا منه وغلظ منها شمالا منه، وتسير معك هذه التكوينات إلى مسافة غير بعيدة، وبخروجك من مدينة السليِّل متجها إلى الأفلاج تكون قد خلفت جميع بلدان وادي الدواسر، وخلفت كل معالم العمران حتى تقابل العمران بعد رحلة شاقة ومسافة طويلة في بلاد الأفلاج.
وحينما تخرج من التكوينات الجبلية الآنفة الذكر يأخذ الطريق يميل تدريجيا من اتجاهه الشرقي الشمالي إلى الشمال، ويندفع في صحراء فسيحة مترامية الأطراف لا ترى فيها إلا أشجار الطلح المتناثرة، وحرجا من شجر السَّمْر والسَّلَم