للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعظيم خَثْعم لصنم ذي الخلصة

كانت خَثْعم كغيرها من قبائل العرب تعبد الأصنام وتقدس الأوثان. حتى بعث الله محمدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالدين الحنيف فطهرها من رجز الوثنية، وكان من أشهر أصنام خَثْعم صنم ذي الخلصة، وقد اختلفت أقوال المؤرخين في موقعه ونسبته إلى خَثْعم أو إلى دوس.

قال ابن الكلبي (١): وكان من تلك الأصنام ذو الخلصة وكان مروة بيضاء منقوشة عليها كهيئة التاج، وكانت بتبالة بين مكة واليمن، على مسيرة سبع ليال من مكة، وكان سدنتها بني أمامة من باهلة بن أعصر، وكانت تعظمها وتهدي لها خَثْعم وبجيلة وأزد السراة ومن قاربهم من بطون العرب من هَوَازِن ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة، قال رجل منهم:

لو كنت ياذا الخلصة الموتورا … مثلي وكان شيخك المقبورا

و لَمْ تنه عن قتل العداة زورا

وكان أبوه قتل، فأراد الطلب بثأره، فأتى ذا الخلصة فاستقسم له بالأزلام فخرج السهم ينهاه عن ذلك، فقال هذه الأبيات: ومن النّاس من ينحلها امرؤ القيس، ففيها يقول خداش بن زهير العامري لعثعث بن وحشي الخثعمي، في عهد كان بينهما فغدر بهما:

وذكرته بالله بيني وبينه … ومابينا من مدة لو تذكرا

وبالمروة البيضاء يوم تبالة … ومحسبة النعمان حيث تنصرا

فلما فتح رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكة، وأسلمت العرب ووفدت عليه وفودها قدم عليه جرير بن عبد الله البجلي (٢) مسلمًا فقال له: ياجرير، ألا تكفيني ذا الخلصة؟ فقال: بلِّي فوجهه إليه فخرج حتى أتي بني أحمس من بُجيلة فسار بهم إليه. فقاتلته خَثْعم وباهلة (٣) دونه، فقتل من سدنته من باهلة يومئذ مائة رجل، وأكثر


(١) الأصنام، ص ٣٤ - ٣٦.
(٢) وهو من قبيلة بُجيلة إخوة خَثْعم وكلاهما من أنمار.
(٣) باهلة قبيلة من قيس عَيْلان سيأتي ذكرها في المجلد التاسع إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>