للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت القبائل قد ألفت السكني حول حواضر الإسلام وانتشرت في ربوعها حيث مواطن الخصب والنماء والمياه، فها هي طيئ تتواجد وبكثرة هناك شأن معظم القبائل العربية وكانت تشكل تلك القبائل دعما للدولة فهي وإن كانت خاضعة طائعة لأوامر الخليفة ملبية أوامره، إلَّا أن العشيرة ظلت متماسكة تشكل وحدة بشرية قوية حتى تنصهر في بوتقة الحياة الحضرية فيضعف ولاءها اللقبيلة والعشيرة، وقد أفرد ابن خلدون وصفا لهذه الأمور في كتبه التي هي أساس علم الاجتماع ويرجع إليها حتى هذا العصر.

ويذكر المؤرخون (١) أن طيئا التي ناصرت الفتح في العراق مع خالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص والمثنى بن حارثة الشيباني وناصرت الخليفة علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في حوادث عام ٣٦ هـ؛ إذ حاربت معه في صفين اختطت لها خطة في الكوفة بجانب القبائل اليمنية، وعاشت هناك، أما في الشام فكانت حمص ونواحيها مكانا لتواجدها، وساندت الأمويين الذين كانوا يعتمدون على القبائل اليمانية أكثر من اعتمادهم على القبائل القيسية حيث تمكنت طيئ وغسان وكلب من التغلب علي بني بكر وهَوَازِن وذبيان (٢)، وفي أيام الخلافة الأموية حيث كانت تضم معظم بلاد العرب كان من السهل تنقل القبائل في بادية الشام والجزيرة العربية، وكان لحرية التنقل أثره في انتشار بطون القبائل في ربوع العراق والشام وفلسطين ومصر والمغرب العربي، الأمر الذي نتج عنه امتزاج القبائل فيما بينها، وضعفت العصبية القبلية لدى من استوطن المدن والقرى وبدأ يألف حياة الحاضرة حيث يتعاون الخضر معا على شئون حياتهم.

يقول المحامي فرحان أحمد سعيد (٣): وقد تفرقت طيئ في أنحاء العراق وبلاد الشام فكانت مراكز تجمعاتهم في عين التمر، والأنبار والكوفة والبصرة والموصل وحلب وحمص وضواحي دمشق والرملة وغيرها، وعموما فقد انتشرت في بادية بلاد العرب الشمالية؛ أي في المنطقة الممتدة التي تمثل مثلثا رأسه مدينة مسكنه وقاعدته مدينتي كاظمة (الكويت) في الشرق، والعقبة في المغرب وعلى


(١) آل ربيعَةَ الطائيون - فرحان أحمد سعيد المحامي - ص ٢١.
(٢) نفس المرجع السابق.
(٣) نفس المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>