كلها تجولها العرب وتضر بأهلها وسوق الخميس حصن بأعلى جبل وبه مياه جارية، ولا تقدر العرب عليه لمنعته، وبه من المزارع والمنافع قليل، ومنه إلى حصن مطماطة في أعلى جبل إلى سوق الإثنين وبه المنزل وهو قصر حصين. والعرب محدقة بأرضه وبه رجال يحرسونه مع سائر أهله، ومنه إلى حصن تافكلات (في غيره تافلكات) إلى تازكي (حصن صغير) إلى قصر عطية على أعلى جبل ثم إلى حصن القلعة مرحلة، وجميع هذه الحصون أهلها مع العرب في هدنة، وربما أضر بعضهم ببعض، غير أن أيدي الأجناد بها مقبوضة، وأيدي العرب مطلقة في الأضرار، وموجب ذلك أن العرب لها دية مقتولها وليس عليها دية فيمن تقتل" اهـ.
الجهة الثالثة جهة الصحراء حيث تكثر خيام زناته الخاضعة لبني حماد. تقدموا إليها من ناحية سبيبة إلى تبسَّة، وانتشروا جنوب أوراس على قرى الزاب وانتهوا أيام الموحدين إلى مزاب وجبل راشد.
دافعتهم زناته عن هذه الجهة، وكانت أملك للبأس من صنهاجة لبداوتها وتقارب ما بين حياتها وحياة العرب، فكانت بين الفريقين مواقف صعبة أكثر الهلاليون من ذكرها في أشعارهم، وقُتل في بعضها أبو سعدى خليفة اليفرني بالزاب، وهو قائد صاحب تلمسان من بني يعلى. قال ابن خلدون: "وتغلب العرب على الضواحي في كل وجه وعجزت زناته عن مدافعتهم بإفريقيا والزاب، وصار الملتحم بينهم في الضواحي بجبل راشد ومصاب" اهـ.
ولما استتب الأمر للموحدين نزعت إليهم زغبة ونزلت مع بني بادين من زناته قبلة المغرب الأوسط من مزاب إلى جبل راشد، واتحدوا على دفاع ابن غانية الميورقي. قال ابن خلدون: "وانعقد بينهم حلف على الجوار والذب عن الأوطان وحمايتها من معرة العدو في اهتبال عرتها وانتهاز الفرصة فيها، وأقامت زغبة في القفار، وبنو بادين بالتلول والضواحي" اهـ.
ولما ضعفت الدولة الموحدية المؤمنية ونشأت دولتا بني زيان وبني مرين احتاجت الدولتان إلى العرب لتعزيز سيادتهما، فدخل الهلاليون وأحلافهم شمال المغرب الأوسط من عمالة وهران.