للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أبي بكر عاقبه بأن أمر بإحراقه في ناحية المُصلَّى (١) - مسجد الغمامة بالمدينة - جزاء ما سبق أن اقترفه من إحراق المسلمين.

وفي هذا المعنى يقول أبو جعفر الطبري:

(كانت سُلَيْم بن منصور قد انتفض بعضهم فرجعوا كفارًا، وثبت بعضهم على الإسلام مع أمير كان لأبي بكر عليهم، يقال له: معن بن حاجز (ة) أحد بنى حارث، فلما سار خالد بن الوليد إلى طُليحة الأسدي وأصحابه كتب (أبو بكر) (٢) إلى معن بن حاجز (ة) أن يسير بمن ثبت معه على الإسلام من بني سُلَيْم مع خالد، فساروا، واستخلف معني بن حاجز (ة) على عمله أخاه طُريفه بن حاجز (ة)، وقد كان فيمن لحق من بني سُلَيْم بأهل الردة - أبو شجرة بن عبد العُزَّى، وهو ابن الخنساء كما قدمنا آنفًا، فقال:

فلو سألتْ عنا غداة مُزامرٍ … كما كنتُ عنها سائلًا لو نأيْتُها

لِقاءَ بني فهر وكان لقاؤهم … غداة الجوِاءِ حاجةً فَقَضيتُها

صبرتُ لهم نفسي وعَرَّجتُ مُهرتي (٣) … على الطَّعْنِ حتى صار وَرْدًا كمُيتُها

إذا هي صَدَّت عن كمِيٍّ أُريده … عَدَلتُ إليه صَدرَها فَهَديتُها

وقال حين ارتد عن الإسلام:

صحا القلبُ عَنْ مي هَوَاه وأقصرا … وطاوع فيها العاذلين فأبصرا

وأصبَحَ أدْنَى رائد الجهل والصِّبِىَ … كما وُدَّها عنَّا كذلك تغيَّرا

إلى آخر الأبيات التي أوردناها في ترجمته كشاعر من شعراء سُلَيْم، وذلك في الفصل الخاص بشعرائهم.

وقال الطبري بعد ذلك: (ثم إنَّ أبا شجرة أسلم ودخل فيما دخل فيه الناس، حتى قدم المدينة في زمن عمر بن الخطاب، (وهنا أورد الطبري قصة دخوله على عمر مستجديًا، وقد ذكرنا هذه القصة في ترجمة أبي شجرة كشاعر من شعراء سُلَيْم) (٤).


(١) فتوح البلدان، للبلاذري، ص ١١٧، الجزء الأول؛ وتاريخ الطبري، ص ٤٩٢ و ٤٩٣ المجلد الثاني، طبع مطبعة الاستقامة بمصر.
(٢) من عندنا زدنا كلمة: (أبو بكر) لاقتضاء سياق الكلام لذلك.
(٣) امتطاء أبي شجرة لمهرته واعتزازه بها في الحرب، هو أثر من آثار وجود الخيل لدى بني سُلَيْم بكثرة كلما أشار إليه المؤرخون.
(٤) تاريخ الأمم والملوك، للطبري، ص ٤٩٣ و ٤٩٤، المجلد الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>