للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويطلقون على القسم الأول السيرة الشامية والقسم الثاني السيرة الحجازية، وهناك بعض الخرافات التي نُسجت من قِبَل الشعراء حول أسطورة الهلالية أو أنهم لم يُغْلَبوا أو أنهم حكموا بلاد تونس كلها، ولكن التاريخ الصحيح هو أنهم سيطروا لعدة سنوات على بعض المدن ثم تغلبوا على الضواحي وكانوا أعرابًا بوادي ولم تقم لهم دولة خاصة بهم وكذلك أبناء عمومتهم من بني سُلَيْم، وكما رأينا السرد التاريخي عن الدول التي قامت في بلاد المغرب بعد غزوة عرب هلَال وسُلَيْم وكيف أن هؤلاء ليسوا إلا قبائل بادية يوالون لدولة هنا مرة ويوالونَ لدولة هناك مرة أخرى، وقد كانت الحروب بينهم لا تتوقف في بقاع البلاد المغاربية وكل بطن من هِلَال أو سُلَيْم يعمل لحسابه الخاص منذ منتصف القرن الخامس الهجري، وحتى القرن العاشر الهجري وما بعد ذلك في العصر العثماني فقد كان لهم شبه استقلال ذاتي؛ والأتراك لا يحكمون سوى المدن الكبرى فقط في تونس وليبيا والجزائر، أما المغرب الأقصى فلم يستطع الأتراك العثمانيون السيطرة عليه كما هو معروف لقوة أسطول وجيش الأشراف السعديين الذين ظهروالحكم بلاد المغرب في القرون الأخيرة، أما في عهد الاستعمار الفرنسي البغيض فلقد قضى على نفوذ القبائل الهلالية والسُّلَمية والأشراف وصادر أملاكهم وأراضيهم الشاسعة، وكذلك فعل مع قبائل البربر في مختلف الأقطار بالمغرب العربي خاصة في القطر الجزائري، مما دفع تلك البوادي أن تبدأ الثورات والانتفاضات الكثيرة، وكانت يد المستعمر تبطش بها وتذبح الآلاف للإرهاب الدموي الرهيب، آخرها مذبحة قالمة وسطيف وخراطة عام ١٩٤٥ م التي قُتل فيها من أبناء العرب والبربر حوالي خمسة وأربعين ألفًا في عدة أيام.

وفي عام ١٩٥٤ م بدأ البدو بالثورة وكانت في البداية تقوم على كاهل قبائل العرب الشجعان ثم انخرط فيها أهل الحضر تباعًا، وقد كان البدو يستولون على أسلحة الفرنسيين ثم يحاربونهم بها، واستمر حالهم حتى تكونت جبهة وطنية تحريرية منظمة تملك أسلحة ثقيلة وقد كبدوا العدو الفرنسي آلاف الجنود من خلال حرب العصابات والكمائن في كل مكان، وكان الجيش الفرنسي ينتقم من العُزَّل في القرى والبوادي ويذبح الآلاف فصارت الخسائر فادحة في الأرواح من جراء هذه الأعمال الانتقامية، ونسي المستعمر أن القتلى هم من عرب هِلَال وسُلَيْم والأشراف وغيرهم فهل هؤلاء القوم من عرب عدنان سيسكتون على ضيم؟

<<  <  ج: ص:  >  >>