ابن الزبير ويصرون على ذلك، وكانوا في ذلك ضد الكلبيين اليمانيين الذين كانوا إلى جانب خلافة بني أمية على طول الخط، وقد نشبت فيما بين الفريقين بعد مصاولات سياسية حامية - معركةُ "مرج راهط" الضاربة، وحدث أن هُزِم القيسيون ومنهم بنو سُلَيْم في هذه المعركة الاهلية، وانتصر عليهم الكلبيون انتصارًا حاسمًا، وهكذا تسلَّم "مرشحهم" الأموي منصب الخلافة، وكان نصيب مرشح القيسيين للخلافة:(عبد الله بن الزبير) ما هو معروف في التاريخ. ولم يُسَلم "السُّلَميون" بنتائج الهزيمة الساحقة، فسرعان ما استردوا اعتبارهم السياسي، وقد رأينا مِنْهُم مَن تُوليهم الخلافة الأموية المناصبَ الرفيعة في العهد الأموي، في مشرق ومغرب كما كانوا يولونها خصومهم السياسيين والحربيين المنتصرين في مرج راهط سواء بسواء.
وقد رأينا فيما بَعْدُ من أنسال الجوالي السُّلَمية في مصر والشام والمغرب والأندلس من كان في مرتبة الإمامة في العلم. والحديث والفقه والدين، مثل الإمام الترمذي، والعز بن عبد السلام، وعبد الملك بن حبيب.
ونعتقد أن بني سُلَيْم كانوا مع الجيوش الإسلامية التي غزت أوروبا، ولابد أن منهم من كان في جنوب إيطاليا وسويسرة مع الفاتحين، وكذلك شأنهم في حروب الشرق الأقصى، وفي حروب الهند والسند، وأرمينية وما وراءها.
وفي عصرنا الحاضر رأينا منهم من كان في جيش الملك عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - على أثر الخلاف الذي نشب بينه وبين الإمام يحيى حميد الدين في اليمن.
وبما تجدر الإشارة إليه ونحن في معرض هذا البحث، أن عشائر كبيرة من سُلَيم حافظت على البقاء في موطن أسلافهم بأعالي الحجاز، وفي نواحي خيبر ومدائن صالح، وليس بصحيح ما قرره ابن خلدون في كتابه (العبر)، من أنه لم تبق باقية من بني سُلَيْم في ديارهم الأصلية في زمن ابن خلدون، وقد رأينا ابن خلدون نفسه ينقض ذلك، فثبت ما نفاه أولًا، ويذكر أنه بقى منهم أناس في