وفي الإسلام كانوا حركة دائبة، ونشاطًا حربيا وإداريا متقدًا وذكاءً ولماحية، وقدرة على تحمُّل أعباء الحكم الذي يضطلعون به نتيجة تولية رعمائهم ورجالاتهم الحكم من قبل الخلافة في شرق وفي غرب، وقد بدأت تحركاتهم الجماعية في الإسلام، بأن قَدِمَ ألف منهم شاكي السلاح، جاءوا دفعة واحدة مسلمين إلى المصطفى - صلى الله عليه وسلم - عقب فتح خيبر، بعد ما اقتنعوا بصدق الإسلام وبمزاياه الروحية والنفسية والمادية والدينية والدنيوية، وكانوا إذ ذاك مستعدين لخوض غِمار المعارك لنصرة دينهم الحق الذين دخلوا فيه زرافات عن إيمان واقتناع، وكان طليعة أعمالهم البطولية أن شاركوا بحماسة في فتح مكة، وكانت لهم رايتهم الحمراء وقوادهم الأبطال، وكان لدخولهم الجماعي في دين الإسلام، واقتحامهم ساحة الوغى تحت رايته الوضاءة - رنَّة فرح وغبطة لدى إخوانهم المسلمين، ودويٌ هائل في أنحاء شبه جزيرة العرب لدى المشركين، فقد كانوا معروفين بشدة البأس والمراس، وقوة الشكيمة وبالبطولة والإقدام. وحينما دعا داعي الفتوح الإسلامية إلى خارج الجزيرة كان السُّلَميون من أوائل من لَبَّى النداء، فأسهموا في فتح مصر وشمال إفريقية والأندلس، كما سرى نشاطهم الحربي إلى حروب الردة قبل ذلك في خلافة أبي بكر الصديق، فرأيناهم فريقين: فريقًا مرتدا يحارب المسلمين بعنف وضراوة، وفريقًا يحارب مرتديهم بعنف وضراوة، وأخيرًا، اتحد شملهم المتفرق تحت راية الإسلام. وفي حروب شرق الجزيرة بفارس كان السُّلَميون مع المجاهدين، وفي الفتوح بشمال العراق كانوا هناك أيضًا مع المجاهدين .. ويذكر المؤرخون أن "نصر بن حجاج" السُّلَمي الفتى الجميل الذي نفاه عمر بن الخطاب إلى البصرة حيث تقيم جالية سُلَمية من بني عمومته، حَنَّ إلى الجهاد فدخل في زمرة المجاهدين إلى الأراضي التي تقع بشمال العراق، وامتشق الحسام، فغسل ما قد يكون قد علق به من أوضار الشباب، وحينما أشِبَ - اختلط - الأمر على العرب المسلمين، واختلفوا أشد اختلاف وأمَرَّةُ فيمن هو أولى بمنصب الخلافة: أعبدُ الله بن الزبير بن العوام في مكة - رضي الله عنهما، أو مرشحوا بني أمية من الأمويين في دمشق؟ رأينا بني سُلَيْم العدنانيين ينحرفون عن حلفائهم الأمويين، ويرشحون للخلافة عبد الله