للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جمله وهو يظن أنه امرأة لما أنه في شِجار له أي هودج مكشوف أعلاه، فإذا برجل فأناخ به فإذا هو شيخ كبير وإذا هوَ دُرَيْد بن الصِّمَّة ولا يعرفه الغلام السُّلَمي، فقال دُرَيْد: ماذا تريد بي؟ قال أقتلك قال: ومَنْ أنت؟ قال: أنا ربيعة بن رفيع السُّلَمي ثم ضربه بسيفه فلم يغن شيئا!! فقال بئس ما سلحتك أمك!! خذ سيفي هذا من مؤخر الرِحْل وكان الرِحْل في الشِجار، ثم اضرب به وارفع عن العظام واخفض عن الدماغ فإني كنت كذلك أضرب الرجال، فإذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دُرَيْد بن الصِّمَّة، فرب والله قد منعت فيه نسائك من (سُلَيْم)!

فذكر بعض رواة من سُلَيْم أن ربيعة لما ضرب دُرَيْد فوقع تكشّف فإذا عجانة وبطون فخذيه مثل القرطاس، والعجانة هي الأست أو ما بين الفرجين، وهذا من ركوبه الخيل أعراء، فلما رجع ربيعة السُّلَمي إلى أمه أخبرها بقتله إياه، فقالت: والله لقد أعتق أمهات لك ثلاث مرات، فبئس ما فعلت يا بني، فيا طالما أنجاني وحماني من الأسر أنا وظعائن من بني سُلَيْم.

قالت عمرة بنت دُرَيْد بن الصِّمة ترثيه وتنعي إلى بني سُلَيم إحسان دُرَيْد إليهم في الجاهلية:

لعمُرك ما خشيت على دُرَيْد … ببطن سميرة (١) جيش العناق (٢)

جزى عنه الإله بني سُلَيْم … وعقتهم بما فعلوا عقاق

وأسقانا إذا قدنا إليهم … دماء خيارهم عند التلاقى

فرب عظيمة دافعت عنهم … وقد بلغت نفوسهم التراقى

ورب كريمة أعتقت منهم … وأخرى قد فككت من الوثاق

ورب منوة بك من سُلَيْم … أجبت وقد دعاك بلا رماق (٣)

فكان جزاؤنا منهم عقوقًا … وهما ماع منه مخ ساقى

عفت آثار خيلك بعد أين … بذي بقر (٤) إلى فيف (٥) النهاق (٦)


(١) سميرة: واد قرب حُنين.
(٢) العناق: الأمر الشديد.
(٣) الرماق: بقية الحياة.
(٤) ذو بقر: موضع.
(٥) فيف: قفر.
(٦) النِهَاق: موضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>