للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وانقضت الصلاة وخرج يحيى بن سعيد إلى الباب في مواليه وأصحابه فكثر ضجيجهم وجعلوا يقولون: أسمعنا صوتك يا أبا أمية فخرج إليهم الوليد بن عبد الملك في موالي عبد الملك وغيرهم فناوشوهم فأصابته ضربة على أليته، فأخذه ابن أرقم فادخله بيتًا وأجاف عليه الباب، ودخل عبد الرحمن بن أم الحكم من باب المسجد فقال لعبد الملك: أيها الرجل ما صنعت فقد جل الخطب؟

قال: قتلته، قال: أصاب اللَّه بك الخير والرشد، فأخذ ابن أم الحكم الرأس فرمي به إلى أصحاب الأشدق فانكسروا حين يئسوا منه وأمر عبد الملك ببيت المال ففتح ونادى الناس أن أحضروا أعطياتكم فأقبل الناس وتركوا ما كانوا فيه.

ووضع لعبد الملك سرير فخرج فجلس عليه وهو يقول: أين الوليد واللَّه لئن كانوا أصابوه لقد أدركوا ثأرهم فأخبر بمكانه وأنه لم يصب بأذى فأمسك، وأمر عبد الملك فنودي: من أتى بيحيى بن سعيد أو بأحد ولد سعيد فله ألف دينار فأخذوا جميعًا من ساعتهم فأمر بأشخاصهم إلى الكوفة فصار يحيى مع مصعب ابن الزبير (١).

وجاء في أنساب الأشراف (٢) بأن عبد الملك خرج في غزوة وخلف بعقبه عمرًا الأشدق فغلب على دمشق وأغلق أبوابها وأعطى أهلها عطايا كثيرة، فرجع عبد الملك حين أتاه الخبر: فأغلق عمرو أبواب المدينة وتحصن فقال له عبد الملك: إنك قد أفسدت أمر أهل بيتك وأطمعت فيهم عدوهم فيما صنعت قوة لابن الزبير، ارجع إلى بيعتك وطاعتك، فإني أجعل لك العهد وأنفذ كل ما أعطيت من الأموال فرضي وفتح الأبواب ودخل عبد الملك المدينة.

هذه قصة حقد عبد الملك على عمرو بن سعيد الأشدق، وكان حسابه له في منتهى الشدة والقسوة، لاتهامه إياه بخيانته والتمرد عليه.

لقد أوردت القصة لأن راويتها هو قبيصة الخزاعي الذي كان الخليفة يدنيه من مجلسه، ولأهميته عند الأمويين.


(١) أنساب الأشراف ٤/ ٤٤٦، ٤٤٧، ٤٤٨، وجاء أن عمرو بن سعيد الأشدق هو ابن عم عبد الملك بن مروان، وكان يلقب بأبي أمية.
(٢) أنساب الأشراف ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>