وأعادوهم إلى البحرين، نقلوا بني هلال هؤلاء إلى سعيد مصر وأنزلوهم بالعدوة الشرقية من نهر النيل، فأضروا بالبلاد وساموا أهلها الذل والهوان.
ومن المؤكد تاريخيا أن قبيلة من شعب هلال تُدعى بني قُرَّة كانت تسربت إلى المغرب قبل زحف جمهورهم عليه، ولها في الحكاية عن دخولها إليه طرق في الخبر غريبة يكاد القاح فيها والمستريب أن يرمى عندها بالخلط والجنون، منفي حكاية الجازية بنت سرحان الشهيرة مع شريف مكة شكر بن أبي الفتوح التي عفت عن خبرة عزة وكثير، وليلى وقيس المجنون، وهي أصل قصة أبي زيد الهلالي الشهيرة، وسترد لدى الكلام عن بني قرة، وقد استوطن بنو قرة هؤلاء أرض برقة بعد ما تغلبوا على مقاومة قبائل لواتة ومزاتة وزناته، وكان لهم بها وبمصر تشغيبات على الحاكم بأمر الله الفاطمي قتل منهم بسببها جماعة وأحرقهم بالنار لفسادهم، ونبغ فيهم معلم للقرآن يُدعى أبا ركوة زعم أنه الوليد بن هشام من ذرية عبد الرحمن الداخل الأموي فبايعوه وألحقوا الهزائم بالجيوش الفاطمية تحت رأيته إلى أن ظفر به وبهم الخليفة الفاطمي سنة ٣٩٧ هـ.
وأقام جمهور بني هلال بشرق النيل إلى أن خطرت للوزير الفاطمي الحسن اليازوري فكرة إجارة العرب إلى المغرب تخلصا من شرهم وانتقاما من المعز بن باديس، فكانت بطون بني هلال أول من عبر النيل وسار إليه، وكان فيهم من غيرهم كثير من فزارة وأشجع وجشم وسلول ومعقل وعمرة وبني ثور وعدوان وطرود اندرجوا في الأثبج خاصة وصاروا وإياهم شيئا واحدا.
وكان من أشرافهم عند دخولهم إلى المغرب الحسن بن سرحان أخو الجازية المومأ إليها، وأخوه بدر، وفضل بن ناهض، وثلاثتهم من بطن دريد بن الأثبج، وماضي بن مقرب من بني قرة، وسلامة بن رزق الشهير بأبي زيد من بني كثير، وشبان بن الأحيمر وأخوه صليصل من بني عطية، وذياب بن غانم من بني ثور ومؤنس بن يحيى من بني صنبر بطن من بطون مرداس رياح لا مرداس سُلَيْم، وزيد بن زيدان وينسبونه في الضحاك، وسُلَيْمان بن عباس من حِمْيَر (١) وسواهم كثير.
(١) حِمْيَر: ذكرها ابن خلدون في سرد أحد فرسان هلال ولعلهم حِمْيَر أحد بطون عوف من سُلَيْم ولا نعلم أن بطن في هلال اسمه حِمْيَر، والله أعلم.