للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما السقم أبلاني ولكن تتابعت … على سنون من مصيف ومربع

ثلاث مئين من سنين كوامل … وها أنذا أرتجي مر أربع

فأصبحت بين الفخ والعش نادبا … إذا رام تطيارا يقال له قع

أخبر أخبار القرون التي مضت … ولابد يومًا أن أصار لمصرعي

وقال ابن دريد عن السكن بن سعيد (١): "كنا جلوسًا عند ابن عباس وهو يفتي الناس في ضفة زمزم، فقام إليه أعرابي فقال: أفتيتهم فأفتنا. قال: هات. قال الأعرابي: ما معنى قول الشاعر:

لذي الحكم (٢) قبل اليوم ما تقرع العصا … وما علم الإنسان إلا ليعلما

قال ابن عباس: ذاك عمرو بن حممه الدوسي، قضى بين العرب ثلاثمائة سنة فألزموه السابع أو التاسع من أولاده، فكان إذا غفل قرع له العصا، فينتبه فلما حضره الموت اجتمع إليه قومه، فأوصاهم بوصية حسنة".

وقد ضرب العرب المثل بحلم عمرو بن حممه فقال الحارث بن وعلة الذهلي:

وزعمت أن لا حلوم لنا … أن العصا قرعت لذي الحلم

وقال الفرزدق:

وإن أعف استبقي حلوم مشاجع … فإن العصا كانت لذي الحلم تقرع (٣)

ولما توفي عمرو بن حممه ودفن، مر بقبره نفر من أهل المدينة وهم حاطب ابن قيس، والهدم بن امرئ القيس بن الحارث، وعتيك بن قيس بن هيشة فنحروا رواحلهم عليه (٤) وقال كل واحد منهم قصيدة في رثائه، فقال حاطب بن قيس:

سلام على القبر الذي ضم أعظما … تحوم المعالي حوله فتسلم

سلام عليه كلما ذر شارق … وما امتد قطع من دجى الليل مظلم


(١) ابن حجر - المصدر السابق - ج ٣ - ص ٣٠٢.
(٢) صحتها الحلم.
(٣) المرزباني محمد بن عمران - معجم الشعراء - ص ٢٠٩.
(٤) أبو علي القالي - المصدر السابق - ج ٢ - ص ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>