للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أخلاق المرازيق أضاف قائلا:

احتفظ المرازيق بأخلاقهم الأصلية والمكتسبة، فورثوا عن جدودهم الأوائل - بني سُلَيْم - الشجاعة والكرم وسرعة الرضا وحب القصص والشعر وألوان الأدب، وورثوا من جدودهم الأدنين حسن النية وصفاء القلب وصلاح السيرة والتمسك بالدين الإسلامي الحنيف، والابتعاد عن إذاية الغير؛ ولذلك عاشوا طوال حياتهم في هذه الجهة من تونس لم يغزوا غيرهم كما يفعل الأعراب غيرهم من قبائل سُلَيْم في جهات الصحراء، وإنما كان المرازيق يتولون الدفاع عن أنفسهم وعن جيرانهم، ولهم ذكر في هذا الصدد من أولاد يعقوب من بني سُلَيْم، ومن المرازيق رجال وأبطال احتفظ لنا الرواة بذكرهم الطيب المعطر.

وعلى ذكر حبهم للشعر، نستطيع أن نقول بلا منازع أن هذه القبيلة قد نبغ فيها كثير من الشعراء الفحول الذين عُرفوا بالبلاغة والحكمة، وجزالة اللفظ والمعنى.

وعن لهجتهم إذا رجعنا إلى لهجة المرازيق في حديثهم، تحدثك هذه اللهجة من أول وهلة أنهم عرب صرحاء، فلهجتهم من اللهجات القريبة من الفصحى، والكلام الذي يتحدثونه لا يقل فصيحُه في رأي الباحثين عن ثمانين بالمائة (١) خاصة إذا ارتحلوا إلى الصحراء في الربيع، فإن حديثهم يكاد يكون كله فصيحًا، وهو نفس كلام سكان الجزيرة العربية إلى درجة كبيرة.

وعن عاداتهم: احتفظ المرازيق بكثير من عادات أجدادهم الأولين حسبما نبهنا إلى ذلك في أول هذه الكلمة (٢) كما احتفظوا بأساطيرهم، وقد نبهت إلى ثلاث أو أربع أساطير عربية كانت معروفة في العصر الجاهلي ولا تزال تُحكى كما كانت مع تغيير بسيط - نبهتُ إلى هذه الأساطير في كتابي (الأدب الشعبي في تونس).


(١) عن قول الدكتور بوريس صاحب المؤلفات عن المرازيق، توفي سنة ١٩٤٥ م.
(٢) قال المرزوقي: أنه توسع في وصف عاداتهم وتقاليدهم بما فيه الكفاية في كتاب مع البدو في حلهم وترحالهم - المطبوع في تونس.

<<  <  ج: ص:  >  >>