طالت بهم النجعة والتنقل بين جهات الجنوب التونسي وصحرائه حتى استقروا أخيرًا بدوز في أواخر القرن الثامن الهجري.
قلت: وأضيف عن المرازيق في الجزائر: فهي قبيلة معروفة في شمال غرب الجزائر في منطقة الهضاب العليا في ضاية والبيض، ومن المرازيق أولاد زياد المشهورين في غار سيدي الشيخ غرب الأبيض بالجزائر.
ونعود للمرزوقي حيث قال عن صفات قبيلته وأخلاقها:
تدلنا صفات المرازيق بتونس أنهم أعراب من الجزيرة العربية، فهم سُمر البشرة، عيونهم حادة، في وجوههم استطالة، يميلون إلى المرح والتنكيت ولكنهم سريعو الغضب والرضا، وإذا غضبوا قتلوا، وإذا رضوا سمحوا حتى بأنفسهم، كرماء إلى درجة الهوس، شجعان إلى درجة الجرأة، يكرمون المرأة، ويموتون وراء كلمة منها، ويؤذونها حتى لكأنها الحيوان! ..
هكذا في طبائعهم كثير من المتناقضات! …
وقد رحَلْتُ إلى مصر عن طريق البر، واسترحت في منازل كثيرة على طول أرض طرابلس والصحراء الغربية من مصر، وسألت السكان عن كثير من العقائد والعادات الموجودة عندنا هنا في المرازيق بتونس، فوجدتها عندهم هي نفس العادات والعقائد، كالعادات المتبعة في العُرس، وفي بعض المواسم والأعياد، وكذلك بعض العقائد الخرافية هي موجودة عندهم أيضًا كالتبرُّك بتعليق كعب الأرنب والتشاؤم بنعيق الغراب، وبيوم الأربعاء .. إلخ، ومن تطبيق علمي الإتنولوجيا والمثيولوجيا اللذين يستخدمهما العلماء العصريون في مثل بحثنا هذا، يتجلى لنا أن المرازيق (أولاد مرزوق) من أعراب سُلَيم لاشك في ذلك ولا ريب، وأنهم قدموا إلى شمال إفريقيا مع أبناء عمومتهم قبائل بني هلال في منتصف القرن الخامس للهجرة من صعيد مصر، وجلبوا معهم عقائد وعادات الأعراب من الجزيرة العربية، كالتشاؤم بالغراب، والتبرك بكعب الأرنب، ومن الصعيد المصري كحفلات عاشوراء، والتبرُّك باسمي محمد وعلي فقط، دون أن يذكروا أبا بكر وعمر، وهي عادة شيعية جلبها هؤلاء الأعراب من الفاطميين في مصر.