وكانت حامية بربر قليلة لم تزد على ألف وستمائة عسكري نصفهم من الباشبوزق "غير نظاميين" والنصف الآخر من العساكر النظامية تحت قيادة البكباشي محمد أفندي فهمي. وقد حفر حسين باشا خندقا حول المدينة (بربر المخيرف) طوله نحو سبعة كيلو مترأت، وكان حسين باشا قد طلب من غوردون باشا أن يرسل له مددا لتعزيز الحامية فكان يعده بقرب وصول النجدة إليه من مصر، فلما نفد صبره سأل مصر تلغرافيا فودت عليه بعدم تيسر إرسال جنود. ولما وصله كتاب محمد الخير المار ذكره جمع ضباط الحامية وقرأ عليهم الكتاب فأجمعوا رأيهم على عدم التسليم وكتبوا بذلك إلى الأمير محمد الخير وخاطبهم هذا مرة ثانية ناصحا لهم فرفضوا.
ولما أصبح محمد الخير قريبا من بربر ذهب إليه عبد الماجد أبو لكيلك الميرفابي وخشم الموسى محمد الميرفابي اللذين عينهما غوردون باشا - مأمورين وانضما إليه بما كان لديهما من أسلحة وذخيرة الحكومة التي صرفت لهما ولأتباعهما ولمحاربة أنصار المهدية، كما انضم إليه كثير من الميراف وقبيلة الجهيماب وبلغ جيش محمد الخير أربعين ألفا من المشاة والفرسان وأصبح من المحتم سقوط بربر لكثرة المهاجمين وقلة حاميتها (١).
وقد قام أنصار المهدي بقطع اتصالات بربر بالشمال والجنوب وأعد حسين خليفة ما استطاع من استعدادات للمقاومة. وفي النهاية دخلت قوات محمد الخير المدينة عنوة دون أن يصيبهم أدنى ضرر وأثخنوا الأهالي قتلا، وتعرض العبابدة لمذبحة كبيرة. ويقال أن أكثر من ثلاثة آلاف من المصريين قد راحوا ضحية هذه المذبحة. أما حسين باشا فقد أحاط بداره حرس محمد الخير ومنعوا وصول أي أذى له رغم الحصار الذي ضرب حول بيته ومحاولة الفتك به. وقدم حسين باشا خليفة خضوعه لمحمد الخير. وقد أحسن الأخير معاملته لأنه كان صديقا له قبل قيام الثورة المهدية، كما عرف عن محمد الخير أنه كان عالما جليلا درس العلم في