أكثرهم- حفظًا للحديث النبوي، وكالخليل بن أحمد أول من وضع معجمًا للغة العربية، وكَمسَدَّد بن مُسَرْهِد أول من صنف مسندًا للحديث في مدينة البصرة، وكان دُرَيْد العالم اللغوي الأديب وغيرهم.
يضاف إلى ذلك ما عرف من إخلاص كثير من رجال دوس وصدقهم في تلقي الدعوة الإسلامية، كما سيمر بك في تراجم بعض الصحابة منهم، وما امتاز به هؤلاء من شجاعة وإقدام في الفتوحات الإسلامية الأولى. ونكتفي بالإشارة إلى موقفهم في وقعة اليرموك بين المسلمين وبين الروم سنة ثلاث عشرة بعد الهجرة كما وصفه أحد مؤرخي الأزد، قال:
وثبتت الأزد، وقاتلت قتالا شديدًا لم يقاتل مثله أحد من تلك القبائل، وقتل منهم مقتلة لم يقتل مثلها [من] قبيلة أخرى.
وأقبل يومئذ الطفيل بن عمرو ذو النُّور وهو يقول: يا معشر الأزد لا يؤتين المسلمون من قِبَلِكُم، وأخذ يضرب بسيفه مقدمًا عليهم وهو يقول:
قد علمتْ دَوْسٌ وشَكْرٌ تَعْلَمُ … أني إذا الأبْيَضُ يومًا مُظْلمُ
وعَرَّدَ النَّكْسُ وفَرَّ الأيْهَم … أني عُفْرٌ في الوقاع ضَيْغَمُ
وقاتل قتالا شديدًا وقتل من أشدائهم تسعة، ثم قتل -رحمه اللَّه-.
وقاتل جندب بن عمرو بن حُمَمَة ورفع رايته [وقال]: يا معشر الأزد إنه لا يبقى منكم ولا ينجو من الإثم والعار إلا من قاتل، ألا وإن المقتول شهيد، والخائب من هرب اليوم، ثم أخذ يقول:
يا معشر الأزْد احتذاذ الأفيالْ … هَيْهاتَ هيْهَاتَ وقوفٌ للحالْ
لا يمنعُ الرايةَ إلا الأبطالْ
وقاتل قتالا شديدًا حتى قتل - يرحمه اللَّه.
ونادى أبو هريرة: يا مَبْرُور!! يا مَبْرُور!! فأطافت به الأزد. فقال: تزينوا لحور العين، وارغبوا فى جوار ربكم في جنات النعيم، فما أنتم إلى ربكم في موطن من مواطن الخير أحب إليه منكم في هذا الموطن، ألا وإن للصابرين فضلهم.