للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرب إلى مختلف المدن الأعجمية، فتقرأ مثلًا: الأصفهاني، والنيسابوري، والفيروز آبادي، والرازي، والطبرستاني، إلخ. ويظن الكثيرون من الناس أنما هم من الفُرس أو الأتراك أو الهنود أو المغول أو غيرهم من الأمم التي دخلت في الإسلام، ويعتقدون أنهم أعاجم وليسوا عربًا، باعتبار أن العرب لا ينتسبون إلى المدن أو القرى أو المحال أو الأماكن المختلفة الأخرى، ولم يُسمع أن أحدًا من العرب في الجاهلية وصدر الإسلام وعهد الأمويين انتمى أو انتسب إلى مكة أو المدينة أو الطائف أو صنعاء أو عدن. إلخ، وإنما كانوا ينتسبون إلى قبائلهم وعشائرهم، وإلى أفخاذها وبطونها، فتسمع على الدوام: القرشي، والمخزومي، والزهري، والسهمي، والتيمي، والتميمي، والباهلي، والأسدي. وأما الأعاجم فينتسبون إلى المدن والقرى والأماكن، ولا يَعْتَزُّونَ كالعرب بانتسابهم إلى الآباء أو الأمهات، أو القبائل وبطونها وأفخاذها) (١).

ثم أوضح المؤلف أن هذه الظاهرة بدأت تبرز في العالم العربي والإسلامي عندما أصبحت بغداد مدينة أُمَمِيَّةً كبيرة تضم أناسًا من كل الأجناس والقوميات ومن مختلف الملل والنحل، فصار عندها وفي ذلك الظرف، العرب الصُّرَحَاءُ ينتمون مثل الأعاجم إلى المدن والقرى والْمَحَالِ والأماكن المختلفة، وبخاصة أولئك العرب الذين عاشوا بين ظهراني المسلمين من غير العرب، وهكذا صار المنتسبون إلى المدن من عرب وغير عرب، كثيرين جدا، فكان من المنتسبين إلى بغداد مثلًا كثرةٌ من كل جنس وفن، كما يقول السمعاني - في كتابه في الأنساب - ص ٢٦٩ ج ٢ (٢).

وزاد المؤلف هذا الموضوع وضوحًا وتعريفًا حينما قال:

(وإذا علمنا أن عدد أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذين انتشروا في هذه البلاد إبان الفتوح الإسلامية وَحَمَلُوا إليها مشاعل العلم، كان عددهم اثني عشر ألف صحابي (٣) أدركنا عِظَمَ التأثير العربي على هذه البلاد وتعريب الثقافة فيها، هذا


(١ و ٢) المصدر السابق، ص ٥ و ٦.
(٣) عن العواصم من القواصم، ص ٢٤٣ (علماء ينسبون إلى أرومة أعجمية وهم من أرومة عربية) للأستاد معروف ناجي، ص ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>