وكما قلنا آنفًا فإنه يوجد أشخاص بيض الوجوه من العرب، أو ذوو لون دون البياض، ومن أولئك وهؤلاء سكان جبال السراوات بجنوب المملكة العربية السعودية،. والمعروف أنه كلما ارتفع موطن السكان ازداد لونهم صفاءً وبياضًا، وكلما انخفض موطنهم ازدادت سمرتهم، وقد أشار إلى ذلك الدكتور جواد علي في كتابه (المفصَّل في تاريخ العرب قبل الإسلام) قال: "وقد عُرفت بعض القبائل العربية ببياض بشرتها، واشتهرت نساؤها ببياض البشرة، وقد ورد في الحديث: أنه لما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة قال له رجل: "إن كنت تريد النساء البيض والنوق الأُدْمَ، فعليك ببني مدلج من كِنانة"، ويقال للمرأة التي يغلب على لونها البياض: "الحمراء"، وجاء في الحديث النَبويّ:(بُعِثتُ إلى الأحمر والأسود) أي إلى العجم والعرب كافة.
ويقول جواد علي: إن أجسام سكان السواحل من العرب أقصر من أجسام أبناء الجبال والنجاد، وإن أهل التهائم والسواحل الجنوبية لجزيرة العرب أقصرُ قامة من أهل نجاد اليمن، أو أهل نجد (١).
وبنو سُلَيْم هم تهاميون كما قدمنا، وهم بين جبال وحِرار في تهامة.
وديارهم الأصلية تقع بين مجموعة متلاصقة من الجبال والحِرار، وأوديتهم عميقة تعلوها الحِرار والجبال وتضايقها، وأغلب قاماتهم تميل إلى الاعتدال .. ولكأنَّ البيئة الجبلية رفعت قاماتهم عن ضآلة القصر، ولكأنَّ البيئة التهامية جعلت أغلبهم غير فارع الطول، ولا يمنع ذلك أن يكون فيهم القصير الدحداح، أو الطويل الفارع الطول، ومن أمثلة طوالهم المعاصرين: حسين بن حيا - أو يحيى - أحد كبار قرية مهايع؛ وهو أبيض اللون أو أحمر اللون على حد التعبير اللغوي الفصيح الذي سبق ذكره، وحسين بن حيا - أو يحيى - نحيل الجسم وذو عينين نجلاوين براقتين، كأغلب من شاهدناهم من رجال بني سُلَيْم المعاصرين، وأغلب من رأيناه من السُّلَميين يميل إلى الاعتدال، وهو الذي يوصف لُغويا بأنه "رَبْعةٌ"، و"مربوع" صيغة لا تزال سائدة في هذا المعنى لدى عامة الحجازيين، وقد نُعِتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه (ربْعة).
(١) المفصَّل في تاريخ العرب قبل الإسلام، للدكتور جواد علي، ص ٣٠٤، الجزء الرابع.