وعندما سمعت امرأة أبي رجاء الكلبي البيتين السابقين، أجابته بقولها:
عَدِمْتُ الشيوخ وأشْباهَهُمْ … وذلك مِنْ بَعْضِ أفعَالِيَهْ
ترى زوجة الشيخ مُغْبَرَةً … وتمسي بصحبته بَالِيَهْ
لقد كالت له من نفس النوع الذي كاله لها، وجزاء سيئة بمثلها، والبادي أظلم.
ويحدثنا أبو عدنان عن نفسه وعن هذه المرأة، فيقول: بعد ما سمع بيتيها السالفين: "فَوَثَبْتُ عليها … فنادت يآل كلب!، وناديتُ: يأل كلب!، فدخل علينا النساء دون الرجال، فضربني وخنقني وشققن مَدْرعتي.
وقال محمد بن الجراح: أبو عدنان الأعور السُّلَمي البصري اسمه: وَرْدُ بن حكيم، راوية أبي البيداء:
ومن شعر أبي عدنان قوله:
أهملتَ نفسك في هواك ولمتني … لو كنتَ تُنْصِفُ لمتَ نفسك دوني
ما بال عينك لا ترى أقذاءها … وترى الخفاء من الأذى بجفوني؟
وقال أحمد بن سليمان: سألت أبا عدنان عن قول النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي أيوب: (إن طلاق أمِّ أيوب لَحُوبٌ) - أهو الإثم؟ فقال: لو كان كذا، لضاق على كلّ مطلق الطلاقُ، ولكن الحوب: الوَحْشُ، وأنشد:
إن طريق مثَقَبٍ لَحُوبُ
أي: لَوَحْشٌ، قال: ومِثْقَبٌ: طريق الكوفة إلى مكة، وطريق البصرة إلى مكة يدعى (فَلْجَا)، وأنشد:
إن بني العنبر أحْمَوْا فَلْجَا … ماءً رَوَاءً وطريقًا نَهجَا
ويُدعى طريق اليمامة إلى مكة: المنكدر، وأنشد:
لا تأخذ العِلْم طريق المُنْكَدِرْ … ولا تكارى من فُقَيميٍّ عَسِرْ
تسير يومين ويومًا تنتظرْ … ولا يزال قد أتاك يعتذر
بالإِفْكِ والزْورِ وإياك يَغُرُّ (١)
(١) نور القبس المختصر من المقتبس لأبي عبد الله محمد بن عمران المرزباني اختصار أبي المحاسن يوسف بن أحمد بن محمود الحافظ اليغموري، ص ٢١٧ و ٢١٩، طبع فيسبادن ١٩٦٤ م - ١٣٨٤ هـ.