للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بيد العباس وبيد علي وقال: سيخرج من صلب هذا يشير إلى العباس فتى يملأ الأرض جورا وظلما ويخرج من صلب هذا يشير إلى علي فتى يملأ الأرض قسطا وعدلا، فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى التميمي، فإنَّه يقبل من قبل المشرق وهو صاحب راية المهدي.

وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: قدم ركب من بني تميم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو بكر - رضي الله عنه - أمر القعقاع بن معبد بن زرارة وقال عمر - رضي الله عنه - بل أمر الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر ما أردت إلا خلافي، قال عمر: ما أردت خلافك فتماديا حتى ارتفعت أصواتهما فنزلت الآية الكريمة في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١)} [الحجرات]، وهذه القصة في اختلاف أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في اختيار أحد بني تميم لزعامتهم (١) وقعت عند البخاري لكن فيها الأقرع بن حابس بدل خالد بن مالك، وهذا يمكن القول أن الأقرع بن حابس كان حتى في الجاهلية أسمى مكانة وأنضج رأيًا وأبعد نظرًا ومن قضاة العرب المشهورين. أما خالد فقد كان مشهورًا بالهوج والترف. وقد تقدم ما يثبت ذلك في الآية الثانية من سورة الحجرات التي نزلت في بعض بني تميم، لما وفدوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأثر النبوي المشهور - إن من البيان لسحرا (٢) وسبب ذلك أنه لما ذهب وفد بني تميم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزل الزبرقان بن بدر أمام النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انا سيد وفد بني تميم والمطاع فيهم والمجاب ثم أشار إلى عمرو بن الأهتم من أعضاء الوفود وقال هذا يعلم ذلك فمدحه عمرو وصدقه. فقال الزبرقان: والله يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقد علم مني غير ما قال وما منعه أن يتكلم إلا الحسد. فقال ابن الأهتم أنا أحسدك فوالله إنك للئيم الخال، حديث المال، أحمق الولد، مضيع للعشيرة. ولما نظر الغضب في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسرع قائلًا، والله يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقد صدقت في الأولى وما كذبت في الثانية. ولكني رجل رضيت فقلت أحسن ما علمت وغضبت فقلت أقبح ما وجدت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - (الحديث).


(١) انظر: بني تميم ومكانتهم في الأدب والتاريخ ص ٢١١.
(٢) انظر: البداية والنهاية لابن الاثير ج ٥ ص ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>