للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبتدئ شعراؤهم شعرهم الحميني بمقياس معروف لديهم، فيقولون قبل أن يبدأوا في نظم القصيدة: (يا لا لا لا لا للي، لي لا لا لا لا للا) أو ما يتفق مع النغم الذي يريد الشاعر البدويُّ أن ينظم القصيدة فيه، ومن ثم يرتجل قصيدته، فلا يختلف فيها البيت عن الآخر ورنا وقافية، وإنما دليله الوحيد هو النغمُ الذي تَفَوَّةَ به واللالاتُ التي نَطَقَ بها مقدمًا ليس غير.

وإذا برع أحدهم في شعر الحميني فقد لا يحتاج إلى تقديم (اللالات) هذه فيما ينظم، يكتفي بسليقته ودرايته على قول الشعر بمقتضاها وعلى مقياها ذوقيا وسليقيا، فيأتي شعره موزونًا على الاوزان المصطلح عليها لديهم فيه كما أراد تمامًا.

وشعراء البادية أقرب إلى الطريقة الإفرنجية في أوران شعرهم؛ لأنهم يعتمدون على المقاطع وهي كالأسباب في عروض الشعر العربي، ويدل على هذا أنهم لا تكاد تمر بهم كلمة ذات ثلاثة حروف متحركة إلا سَكَّنُوا أحدها، فليس في شعر هم (متفاعلن) ولا (مفاعلتن).

وطريقة الأخذ بالمقاطع هي الشائعة في شعر أكثر اللغات وفي شعر جميع لغات أوروبا مثل الإنجليزية والفرنسية والألمانية وغيرها.

وخلاصة القول في أوران الحميني أن شعراءه يشبهون شعراء العرب قبل وضع العروض وذلك بإخراجهم القصيدة متساوية مع المطلع، وميزان الشعر الحميني يتركز في المقاطع: (لا لا لا)، وتَسكينِ المتحرك، ومَدُّ أحد المتحركين كثير في شعرهم.

ولهم أسماء لبعض أنواع الشعر الحميني: فيسمون (المجرور) لما يلتزم فيه الشاعر (التسميط) مثل قول أحد شعراء البادية حين اضطرمت نار الحرب بين العرب والأتراك في أيام النهضة حيث تحصن الأتراك في جبل عكابة (جبل حول الطائف) وأخذ العرب يرمونهم من (شَرَقْرَق) وهو جبل حول الطائف، ومن (شُبرَةَ) حتى أزالوهم عن مواقعهم:

عكابة رموك. من شرقرق وشبره. ببندف ميازر

لا والله فتك فيك. تظلين عبره. لكل النواظر

والبندق هنا بمعنى الرصاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>