للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المهزوم إلى مدينة كليكية فتبعهم المسلمون وأفنوا أغلبهم، وأما بعض إياد في الجزيرة شمال العراق فبعد انتشار الإسلام ودخول القبائل فيه إلَّا أن إيادًا أيضًا هربت من هناك إلى مدن كباد وكيه بتركيا، وقد أرسل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى هرقل عدة مصاحف للقرآن ليعرضها على العرب في بلاده مهددًا إياه أن لا يمنع عربي من دخول الإسلام ولا يحولن بينه وبين الخروج لبلاد العرب، وإن لَمْ يفعل ذلك فقد هدده الفاروق بتتبع النصارى في بلاد العرب وقتلهم، فلما عرض هرقل المصاحف ووجدها مثل الإنجيل ومتوافق ما فيها من كلام الله أسلموا ودخلوا أفواجًا ولكنهم بقوا على مسكنهم، ومن إياد بن نزار هؤلاء خطباء يُضرب بهم المثل وكان منهم قس بن ساعدة الذي يُضرب به المثل في البلاغة، وقال صاحب كتاب الأوائل: أن قسًّا أول من أظهر التوحيد بمكة مع ورقة بن نوفل، وذكر الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قسًّا وسأل عنه وفد إياد عندما جاءوا للنبي، فلما أخبروه أنه قد هلك قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهم: إنه سوف تُعرض عليه أقواله في الآخرة وإن كان غرضهُ توحيد الله من قولها فسيكون في الجَنَّة، ومن إياد كعب بن مامة وكان يُضرب به المثل في الجود، فقد كان معه ماء ورفيقًا وكان سائرًا في طريق قفر فلما عطش رفيقه أعطاه الماء الذي معه ومات هو عطشًا في الفلاة!!، وقد تعلَّم العرب الخط من بني إياد وعرفوا أيضًا منهم أخبار وعلوم الأقوام القديمة كطسم وجديس.

وقيلت رواية عن إياد وسبب نفيهم من الحرم (١) هى أنهم كانوا في عزة وكثرة ويولد لأحدهم الولد كلّ بضعة أيام، وقد تغلبوا على جميع بني إخوتهم


(١) قال أبو المنذر عن ابن عباس:
كان يولد لإياد بن نزار الولد في الليلة الواحدة العشرة وأكثر من ذلك!! ولا يولد لمُضَر وربيعَة في الشهر إلَّا الولد الواحد فكثرت قبائلهم وتلاحقت نابتتهم وكان فيهم الغمامتان والكردسان وهي قبائل من إياد، فبغت إِياد بكثرتها وقوتها على أخوانهم من مُضَر وربيعَة حتى كان الرجل من إياد يضع قوسه على باب المُضَري والربعي فيكون أحق بما فيه، فيقال والله أعلم أنهم سمعوا مناديًا في جوف الليل على رأس جبل وهو يقول:
(يا معشر إياد أظعنوا من البلاد لمُضَر الأنجاد قد عثتم في الفساد فحلوا بأرض سنداد فليس إلى تهامة من معاد)! ثم رمى الله إياد بقرح، وقال ابن شبه: أنه داء يقال له النخاع، فكان يموت منهم في اليوم والليلة المئة والمئتان، فقال رجل صالح منهم: يا معشر إياد إنما رماكم الله بما ترون لبغيكم على بني أبيكم فاشخصوا عن هذه البلاد فقد أمرتم بذلك لا يصيبكم الله بعذاب، وقيل أن إيادًا لَمْ تزل مع إخوتها بتهامة وما والاها حتى وقعت بينهم حرب فضعفوا فظهرت عليهم ربيعَة ومُضر فالتقوا بناحية من بلادهم يقال لها خانق وهي من بلاد كنانة بن خُزيمة فانتصرت ربيعةَ ومُضَر على إياد وأخرجوهم من تهامة، وقال أحد بني قيس عَيْلان (مُضَر) في ذلك النصر: =

<<  <  ج: ص:  >  >>