للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما أبطأ بنو عامر عن حاجب قال لقومه: إن القوم قد توجهوا إلى ظُعنكم وأموالكم، فسيروا إليهم؛ فساروا مجدِّين حتى التقوا برحْرَحان؛ فاقتتلوا قتالًا شديدًا، فانتصر بنو عامر، وأُسِرَ معبد بن زرارة، أسره عامر والطفيل ابنا مالك بن جعفر الكلابي العامري.

فوفد لقيط بن زرارة في فدائه (١) فقال لهما: لكما عندي مائتا بعير.

فقالا: يا أبا نهشل؛ أنت سيد الناس، وأخوك معبد سيد مُضَر، فلا نقبل فيه إلا دية ملك. فأبى أن يزيدهم، فقال لهم: إن أبانا أوصانا ألا نزيد أحدًا في ديته على مائتي بعير.

فقال معبد للقيط: لا تدعني يا لقيط، فوالله لئن تركتني لا تراني بعدها أبدًا.

فقال لقيط: صبرًا أبا القعقاع؛ فأين وصيَّة أبينا - لا تُؤاكلوا العرب أنفسكم، ولا تزيدوا بفدائكم على فداء رجل منكم فتذؤب (٢) بكم ذؤبان العرب.

ورحل لقيط (٣) عن بني عامر؛ ومنع بنو عامر معبدًا عن الماء وضاروه حتى مات هزالا (٤).


(١) في فداء معبد أقوال كثيرة للرواة، والمثبت ههنا رواية العقد الفريد.
(٢) ذؤب: خبث وصار كالذئب.
(٣) وقد عُيِّر لقيط بتهاونه في افتداء أخيه. قال شريح بن الأحوص الكلابي العامري:
لقيطُ وأنت امرؤٌ ماجد … ولكنَّ حلمك لا يهتدي
ألما أمنتَ وساغ الشرا … بُ واحتل بيتك في ثهمد
وثهمد: اسم موضع في بلاد عبس وتسمى الآن الثمد وهي من مساكن بني رشيد (عبس) في الوقت الحاضر.
رفعت برجلك فوق الفرا … ش تهدي القصائد في معبدِ
وأسلمته عند جد القتال … وتبخل بالمال لا تفتدي
(٤) وفي بعض الروايات: إن معبدًا أبى أن يطعم شيئًا أو يشرب حتى مات هزيلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>