للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شئتم في بطن مَرِّ ولكم رياستكم، ونحن لا نؤمر عليكم ولا نعترضكم، ولسنا طالبي مُلك، ولا حاجة لنا في غير هذا البيت وجواره، فإن انقدتم إلى ما قلته انقدنا إلى حسن جواركم وشدخت هذه الدماء التي بيننا وان أبيتم فالسيوف لها الحكم، والنصر من السماء، وللأمور دلائل، وللإقبال علامات، والشقيُّ من عاند السَّعد عند إقباله!

قال: فامتلأت أسماع خزاعة بهذا الكلام، وعلم عقلاؤهم أنه الحق، فقالوا: ومن يَشْدخ هذه الدماء، ويضمن ما سلف منها ألا يطالب أحد به، وما يستقبل ألا يُراق هدرًا؟

فقال قُصيٌّ: يتولى ذلك شد بني كنانة يَعْمَر بن عامر الليثيُّ وهو شَدَّاخُها، فسمي من ذلك الحين بالشَّدَّاخ وعقدوا الإيمان على ذلك، وقر كل أحد في مكانه (١). ولقب بالشَّدَّاخ لأنه شَدَخ من قريش وخُزاعة الدماء التي كانت بسبب حروبهم على البيت أي هدرها، وتمم الصلح (٢).

وكلام قُصي لخُزاعة: "أنتم غُرباء بُعداء من اليمانية في أرض المعدية" هذا يقطع الشك باليقين حول نسب خزاعة بأنها يمانية.

وهناك روايات متعددة الوجوه مختلفة المضمون، وضعيفة أريد بها التشويه منها أن قصيّا خدع أبا غبشان بأن أسكره بالطائف وأخذ منه مفاتيح الكعبة بزق خمر (٣)؟ ولقد أوردت الروايات الأقرب للحقيقة والواقع.

وفي زمن ولاية خُزاعة للبيت ذُكر أن وادي مكة سأل فى الجاهلية سيلا عظيمًا، وأن السيل هجم على أهل مكة فدخل المسجد الحرام، وأحاط بالكعبة، ورمى بالشجر بأسفل مكة، وجاء برجل وامرأة ميتين، فعرفت المرأة كانت تقيم بأعلى مكة، ويقال لها فارة، وإنها امرأة من بني بكر، ولم يعرف الرجل، فبنت خُزاعة حول البيت بناء أداروه عليه، وأدخلوا الحجر فيه ليحصنوا البيت من السيل


(١) نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب ١/ ٣٢٣.
(٢) نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب ١/ ٣٧٨.
(٣) ثمار القلوب ١/ ٢٤٣، ٢٤٤، مجمع الأمثال للميداني ١/ ٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>