للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال البيهقي: إن العرب أرَّخت بموت جده كعب بن لؤي لعظمته عندها ثم أرخت باجتماعها لقصيِّ وأخذه مفتاح الكعبة.

وهنا تظهر رجاحة عقل قُصي عندما رأى أن العرب طالت مع خُزاعة، وأن الوسطاء لم يفلحوا في حل الخلاف بينهما بل زادوها تعقيدًا، فكانت وجهة نظره أن يباشر بنفسه بحل خلافه مع خُزاعة، وحول هذا الموضوع الهام قال البيهقي: وكان قصيِّ معدودًا في السَّلطنة، ولما كثرت الحروب بين قريش وخُزاعة، وكانت الرسل تتردد بين الفريقين فلا يؤدي من الكلام ما يقضي بانفصال العرب، فقال لقومه: لقد طال الخطب بيننا وبين هؤلاء القوم، وسببه أن الرسل الذين تتردد بيننا تقصر في الكلام، فيطول أمد العرب.

فقالوا: فما الرأي؟

قال: أن أكون المتكلم معهم.

قالوا: وكيف ذلك؟

قال: نرسل إلى إخواننا من قبائل كنانة ويدخلون بيننا، وأكون أنا المتكلم والحيَّان متقابلان.

وهنا كان الحكم الفصل في اجتماع حاشد بين خُزاعة وقريش، وجاه على رأس وفد كنانة يعمر بن عامر الليثي، وإليك الرواية كما وردت. وحضرت كنانة وأميرها الشَّدَّاخ الشاعر البطل، وحضرت خُزاعة، وحضرت قريش، وتقابلوا على هيئة العرب، فبرز قصيٌّ على فرسه وقال: يا معشر خُزاعة، لما كان لكم مفتاح البيت والمُلك علينا، أنازعناكم في شيء من ذلك؟

قالوا: لا.

قال: فلما أعاد اللَّه لنا بيت آبائنا، لم حسدتمونا فيه وجعلتم تقاتلونا عليه؟ وايم اللَّه، لو قاتلنا عليه ولم نكن نأخذه بحق، لكنا في ذلك معذورين، فإن طلب الوراثة في الرياسة بالسيف مكرمة، وقد علمتم أنا لا نخليه أبدًا!

وهؤلاء إخواننا بنو كنانة معنا لا معكم، وأنتم غرباء بعداء من اليمانية في أرض المعدية، فإن جنحتم إلى السلم وطلبتم القرار في مهاد العافية، فأقيموا ما

<<  <  ج: ص:  >  >>