السديري أميرًا للجوف وهو لَمْ يتجاوز العشرين عامًا لكفاءته النادرة. ثم اختير أميرًا لجازان وعاصر ثورة ابن الوزير باليمن على الإمام يحيى وقد انتدبه الملك عبد العزيز لهم ومكث لديهم شهرا عمل على حل الإشكالات القائمة وساهم مباشرة في إنهائها.
وعندما قامت حرب فلسطين (عام ١٩٤٨ م) شكل عليه جيشًا من المجاهدين وسار بهم إلى الشمال السعودي ومكثوا أكثر من سنتين على الحدود ولم يستطيعوا الاشتراك في الحرب لأنَّ بعض الأطراف حالت دون ذلك، وعندما عاد للرياض كان خط الأنابيب قد بدا مده من المنطقة الشرقية إلى صيداء بلبنان، لذا عينه الملك عبد العزيز محافظًا له وأميرا على الحدود الشمالية وظل هناك حتى سنة ١٣٧٦ هـ، وفي عهده نشأت على هذا الخط عدة مدن وقرى ومراكز أهمها عرعر قاعدة الحدود الشمالية ورفحاء وطريف والقيصومة وعدة مراكز أخرى، وقد استقر بالطائف حتى سنة ١٣٨٢ هـ حيث بدأت حرب اليمن قبل الأخيرة فكلف بالذهاب إلى جازان للمحافظة على الحدود وتهدئة الأمور ومكث عدة سنوات هناك حتى استقرت الأوضاع وعاد للطائف ثم اشترى مزرعته المعروفة بالخفية بالقصيم وعمل على تطويرها واستقر بها وعاش رحمه الله متنقلا بين الطائف حيث أسرته وبين القصيم إلى أن توفي عام ١٣٩٩ هـ بالرياض ونقل جثمانه ودفن في القصيم مزرعته بعد أن أديت الصلاة عليه بمدينة بريدة في جامعها الكبير.
ومحمد السديري - رَحِمَهُ اللهُ - لا يستطيع أحد حصر مزاياه العديدة فقد كان فارسًا شجاعا كريما يكره البخل وأهله ولا يرد لأحد طلبا مهما كان، لا تخلو منازله من الضيوف وأصحاب الحاجات ويؤمه العديد من زعماء القبائل وأكابر البلاد وكان أديبا شاعرًا لا يباري يحب العلم وأهله، عمل على تربية أولاده فصاروا جميعًا مضرب المثل في الرجولة وعلو الهمة وقبل أن يتوفي بأيام قال رحمه الله ثلاث أبيات وجهها لسمو الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود:
سلطان شفت الموت مرة ومره … والثالثة يا أمير كشر بنابه
مابيه لكن بلاني بشره … زود على خيله يجمع ركابه
لو ظهر لي في صحاصيح بره … نذر على إني لا أبين صوابه