للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للتسوية - نحو ما تكلّم فؤاد إلا قال خيراً - وكقول الشاعر

كُن للخليل نَصيراً جارَ أو عدلا ولا تَشحّ عليه جاد أو بخلا

(٢) إذا كان فعلها مضارعا مُثباً أو منفياً «بما - أو - لا» نحو: (وجاءوا أباهم عشاء يبكون) ونحو: (وَما لنا لا نؤمن بالله) ونحو:

عهدتُ: ما تصبو وفيك شبيةٌ فما لكَ بعد الشيب صبَّا مُتيَّما

(٣) إذا كانت جملة اسمية واقعة بعد حرف عطف - أو كانت اسمية مؤكدة لمضمون ما قبلها - كقوله تعالى (فجاءها بأسنا بياتاً أو هم قائلون) وكقوله تعالى (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) (١)

الثاني - علم مما تقدّم أن من مواضع الوصل اتفاق الجملتين في الخبرية والانشائية - ولابد مع اتفاقهما من (جهة) بها يتجاذبان، وأمر (جامع) به يتآخذان، وذلك (الجامع) : إما - عقلي (٢) - أو: وهمي (٣)


(١) لما كان قوله (ذلك الكتاب) فيه مظنة مجازفة بسبب ايراد المسند إليه اسم إشارة - والمسند معرفا بال - أكده بقوله (لا ريب فيه) تأكيداً معنويا، ولما كانت الدعوى المذكورة مع إدعاء عدم المجازفة مظنة استبعاد - أكده بقوله «هدى للمتقين» تأكيداً لفظياً - حتى كأنه نفس الهداية.
(٢) فالجامع العقلي - أمر بسببه يقتضي العقل إجتماع الجملتين في القوة المفكرة كالاتحاد في المسند: أو المسند إليه - أو في قيد من قيودهما - نحو زيد يصلي ويصوم ويصلي زيد وعمرو.. وزيد الكاتب شاعر، وعمرو الكاتب منجم، وزيد كاتب ماهر، وعمرو طبيب ماهر - وكالتماثل والاشتراك فيهما - أو في قيد من قيودهما أيضا يحيث يكون لاتماثل له نوع اختصاص بهما أو بالقيد - لا مطلق تماثل - فنحو زيد شاعر وعمر وكاتب لا يحسن إلا إذا كان بينهما مناسبة، لها نوع اختصاص بهما - كصداقة أو أخوة أو شركة أو نحو ذلك - وكالتضايف بينهما، بحيث لا يتعقل أحدهما الا بالقياس إلى الآخر، كالأبوة مع البنوة - والعلة مع المعلول - والعلو والسفل - والأقل والأكثر - إلى غير ذلك.
(٣) والجامع الوهمي - أمر بسببه يقتضى الوهم اجتماع الجملتين في المفكرة، كشبه التماثل الذي بين نحو لوني البياض والصفرة - فان الوهم يبرزهما في معرض المثلين من جهة أنه يسبق إليه أنهما نوع واحد، زائد في أحدهما عارض في الآخر - بخلاف العقل فانه يدرك أنهما نوعان متباينان داخلان تحت جنس واحد، هو اللون - وكالتضاد بالذات - وهو التقابل بين أمرين وجوديين بينهما غاية الخلاف - يتعاقبان على محل واحد - كالسواد والبياض - أو التضاد بالعرض كالاسود والأبيض - لأنهما ليسا ضدين لذاتهما لعدم تعاقبهما على محل واحد - بل بواسطة ما يشتملان عليه من سواد وبياض - وكشبه التضاد كالسماء والأرض - فان بينهما غاية الخلاف ارتفاعاً وانخفاضاً، لكن لا يتعاقبان على محل واحد، كالتضاد بالذات، ولا على ما يشمله كالتضاد بالعرض..

<<  <   >  >>