مطلقا، بحيث يخاطب به المفرد، والمذكر، وفروعهما، بلفظ واحد من غير تغيير ولا تبديل عن مورده الأول، وإن لم يطابق المضروب له.
ولذا: كانت هذه الاستعارة محظ أنظار البلغاء، لا يعدلون بها إلى غيرها إلا عند عدم إمكانها، فهي أبلغ أنواع المجاز مفرداً أو مركباً، إذ مبناها تشبيه التمثيل: الذي قد عرفت أن وجه الشبه فيه هيئةٌ منتزعة من أشياء متعددة ومن ثم كانت هي والتشبيه المبنية عليه غرض البلغاء الذين يتسامون إليه، ويتفاوتون في إصابته، حتى كُثرا في القرآن الكريم كثرة كانت إحدى الحجج على إعجازه.
والاستعارة ميدان فسيح من ميادين البلاغة، وهي أبلغ من التشبيه لأنها تضع أمام المخاطب بدلاً من المشبه صورة جديدة تملك عليه مشاعره وتذهله عمّا ينطوي تحتها من التشبيه، وعلى مقدار ما في تلك الصورة من الروعة، وسمو الخيال، تكون البلاغة في الاستعارة.
وأبلغ أنواع الاستعارة «المُرشّحة» لذكر ما يناسب المستعار منه فيها «بناء على الدعوى بأن المستعار له هو عين المُستعار منه.
ثم تليها «المطلقة» لترك ما يُناسب الطرفين فيها، بناء على دعوى التساوى بينهما ثم تليها «المجردة» لذكر ما يناسب المستعار له فيها، بناء على تشبيهه بالمستعار منه.
ولابد في الاستعارة، وفي التمثيل على سبيل الاستعارة، من مراعاة جهات حسن التشبيه، كشمول وجه الشبه للطرفين، ومن كون التشبيه وافياً بافادة الغرض، ومن عدم شم رائحة التشبيه لفظاً، ويجب أن يكون وجه الشبه بين الطرفين جليا، لئلا تصير الاستعارة والتمثيل تعمية.