الأول - أن يقع في كلام الغير إثبات صفةٍ لشيء وترتيب حكم عليها، فينقل السامع تلك الصفة إلى غير ذلك الشيء من غير تعرض لثبوت ذلك الحكم له أو انتفائه عنه، كقوله تعالى (يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الاذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين)(١) فالمنافقون أرادوا بالأعز أنفسهم، وبالأذل المؤمنين، ورتبوا على ذلك الاخراج من المدينة فنقلت صفة العزة للمؤمنين، وأبقيت صفة الأذلية للمنافقين، من غير تعرض لثبوت حكم الاخراج للمتصفين بصفة العزة، ولا لنفيه عنهم والثاني: حمل لفظ وقع في كلام الغير على خلاف مراده بذكر متعلّق له
كقوله: وقالوا قد صفت منّا قلوب لقد صدقوا ولكن عن ودادي
أراد بصفو قلوبهم (الخلوص) ، فحملهُ على الخلو بذكر متعلّقه، وهو قوله «عن ودادي»
(٢٨) ائتلاف اللفظ مع المعنى
إئتلاف اللفظ مع المعنى: هو أن تكون الألفاظ موافقةً للمعاني، فتختار الألفاظ الجزلة، والعبارات الشديدة للفخر والحماسة، وتختار الكلمات الرقيقة، والعبارات اللينة، للغزل والمدح - كقوله:
... إذا ما غضبنا غضبة مضريَّة هتكنا حجاب الشمس أو قطرت دما
... إذا ما أعرنا سيداً من قبيلة ذرا منبرٍ صلى علينا وسلّما
وكقوله - ولست بنظار إلى جانب الغني إذا كانت العلياء في جانب الفقرِ
(١) تلخيص العبارة: أن الكافرين حكموا لأنفسهم بالعزة، وللمؤمنين بالذلة وقالوا ان رجعنا إلى المدينة نخرجهم منها، فحكم بالعزة لله، ولرسوله، والمؤمنين - ولم يقل أنهم يخرجون أولئك منها، ولا أنهم لا يخرجونهم