ولا يسبق وهمك إلى قول قصراء النظر بأن العرب كانت تستعمل من الألفاظ كذا وكذا ـ فهذا دليل على أنه حسن، بل ينبغي أن تعلم أن الذي نستحسنه نحن في زماننا هذا، هو الذي كان عند العرب مستحسناً، والذي نستقبحه هو الذي كان عندهم مستقبحا ـ والاستعمال ليس بدليل على الحسن، فاننا نحن نستعمل الأن من الكلام ما ليس بحسن، وإنما نستعمله لضرورة، فليس استعمال الحسن بممكن في كل الأحوال ـ واعلم أن استحسان الألفاظ واستقباحها لا يؤخذ بالتقليد من العرب لانه شيء ليس للتقليد فيه مجال، وإنما هو شيء له خصائص وهيئات وعلامات إذا وجدت علم حسنه من قبحه ـ ألا ترى أن لفظة (المزنة) مثلا حسنة عند الناس كافة من العرب وغيرهم، فاذا استعملتها العرب لا يكون استعمالهم إياها مخرجا لها عن القبح، ولا يلتفت إذن إلى استعمالهم إياها بل يعاب مستعملها ويغلظ له النكير حيث استعملها ـ فلا تظن ان الوحشي من الألفاظ ما يكرهه سمعك ويثقل عليك النطق به وانما هو الغريب الذي يقل استعماله، فتارة يخف على سمعك ولا تجد به كراهة، وتارة يثقل على سمعك وتجد منه الكراهة، وذلك في اللفط عيبان كونه غريب الاستعمال وكونه ثقيلا على السمع كريها على الذوق. وليس وراءه في القبح درجة أخرى، ولا يستعمله إلا أجهل الناس ممن لم يخطر بباله شيء من معرفة هذا الفن أصلا. انتهى عن المثل السائر ـ بتصرف. (٢) ـ «مزججا» مدققا مطولا (فاحما) شعرا اسود كالفحمة (مرسنا) بكسر الميم وفتح السين كمنبر ـ او بفتح الميم وكسر السين كمجلس ـ ومعناه انفاذا لمعان كالسراج أو ذا صقالة واحد يداب كالسيف السريجي أي المنسوب إلى سريج وهو قين حداد تنسب إليه السيوف في الدقة والاستواء.