للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

- ومجمل هذا الجزء يتنافى مع حكمة معاوية -رضي الله عنه- ودهائه وحلمه الذي اشتهر به، وإلا فكيف يضع ابنه وخليفته في مفترق طرق، وبسياسة متناقضة، بحيث يأمره بالرفق بالحسين -رضي الله عنه-، والانتقام من ابن الزبير -رضي الله عنه- وكلاهما من الصحابة ولهما قرابة بالرسول -صلى الله عليه وسلم-.

- أما القسم الثاني: والذي فيه وصية معاوية -رضي الله عنه- لابنه في كيفية تدبير ملكه بدون ذكر الرهط، حيث فَصَلَ فيه التعامل مع الأمصار كل مصر له طريقة، وهي نصيحة عامة:

فقد روى ابن سعد بسنده: (يا يزيد: اتّق اللّه، فقد وطّيت لك هذا الأمر، وولّيت من ذلك ما ولّيت، فإن يك خيرًا فأنا أسعد به، وإن كان غير ذلك شقيت به، فارفق بالنّاس، وأغض عمّا بلغك من قولٍ تُؤذَى به وتنتقص به، وطأ عليه يهنك عيشك وتصلح لك رعيّتك. وإيّاك والمناقشة وحمل الغضب؛ فإنّك تهلك نفسك ورعيّتك، وإيّاك وجبّة أهل الشّرف واستهانتهم والتّكبّر عليهم، لِنْ لهم لينًا لا يرون منك ضعفًا ولا خورًا، وأوطئهم فرشك وقرّبهم فإنّه يعلم لك حقّك، ولا تهنهم وتستخفّ بحقّهم فيهينونك ويستخفّون بحقّك ويقولون فيك. فإذا أردت أمرًا فادع أهل السِّنّ والتّجربة من أهل صنائعي والانقطاع إليّ، فشاورهم ثمّ لا تخالفهم، وإيّاك والاستبداد برأيك، فإنّ الرّأي ليس في صدرٍ واحدٍ. اصدق من أشار عليك حتّى يجيبك على ما يعرف، ثمّ أطعه فيما أشار به، واخزن ذلك عن نسائك وخدمك. وشمّر إزارك، وتعاهد جندك، وأصلح نفسك يصلح لك النّاس، لا تدع لهم فيك مقالًا، فإنّ النّاس سراعٌ إلى الشّرّ، واحضر الصّلاة، فإنّك إذا فعلت ما أوصيك به عُرِفَ لك حقّك، وعظمت مع مملكتك. وشَرِّف أهل المدينة ومكّة، فإنّهم أصلك وعشيرتك ونسبك، وشَرِّف أهل الشّام، فإنّهم أنصارك وحماتك وجندك الّذين تصول بهم أهل طاعةٍ.

<<  <   >  >>