للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثًا: مواقف الشيعة من صلح الحسن -رضي الله عنه-

[١٤]- (قالوا: وكان أول من لقي الحسن بن علي -رضي الله عنه-، فنَدَّمَه على ما صنع، ودعاه إلى رد الحرب حجر بن عدي (١)، فقال له: يا ابن رسول الله، لوددت أني مِتُّ قبل ما رأيت، أخرجتنا من العدل إلى الجَوْر، فتركنا الحق الذي كنا عليه، ودخلنا في الباطل الذي كنا نهرب منه، وأعطينا الدَّنية من أنفسنا، وقبلنا الخسيسة التي لم تلقَ بنا.

فاشتد على الحسن -رضي الله عنه- كلام حجر، فقال له: إني رأيت هوى عظم الناس في الصلح، وكرهوا الحرب، فلم أحب أن أحملهم على ما يكرهون، فصالحت بقيًا على شيعتنا خاصة من القتل، فرأيت دفع هذه الحروب إلى يوم ما، فإن الله كلّ يومٍ هو في شأن.

قال: فخرج من عنده، ودخل على الحسين -رضي الله عنه- مع عبيدة بن عمرو (٢)، فقالا: أبا عبد الله، شريتم الذل بالعز، وقبلتم القليل، وتركتم الكثير، أطِعْنا اليوم، واعْصِنا الدهر، دع الحسن وما رأى من هذا الصلح، واجمع إليك شيعتك من أهل الكوفة وغيرها، وَوَلِّني وصاحبي هذه المقدمة، فلا يشعر ابن هند إلا ونحن نقارعه بالسيوف. فقال الحسين: إنا قد بايعنا وعاهدنا، ولا سبيل


(١) حجر بن عدي بن معاوية بن جبلة الكندي، المعروف بحجر الخير، شهد القادسية، وكان من أصحاب علي -رضي الله عنه-، قتله معاوية -رضي الله عنه- بمرج راهط، وهو الذي افتتحها، وكانت وفاته سنة إحدى وخمسين وقيل: ثلاث وخمسين، ذكره البخاري وابن أبي حاتم عن أبيه وخليفة بن خياط في التابعين، روى ابن عساكر بسنده () عن أبي أحمد العسكري قوله: (يذكر بعضهم أنه وفد على النبي -صلى الله عليه وسلم- هو وأخوه وأكثر أصحاب الحديث لايصححون له رواية). ابن حجر: الإصابة ٢/ ٢٢، ابن عساكر: تاريخ دمشق ١٢/ ٢١١.
(٢) عبيدة بن عمرو المرادي الكوفي، أسلم عام الفتح بأرض اليمن، وليس له صحبة، وهو أحد الأعلام الفقهاء، كان يوازي شريحًا بالقضاء. المزي: تهذيب الكمال ١٩/ ٢٦٦.

<<  <   >  >>