للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثًا: بداية الخلاف بين الخوارج ونهايتهم

* الخلاف بين الخوارج:

[١٣٣]- (ومضى قطري في أصحابه نحو جيرفت (١)، وهم بالهرب إلى كرمان، فقال رجل من أصحابه:

أيا قطري الخير إن كنت هاربًا … سَتُلبسنا عارًا وأنت مهاجر

إذا قيل قد جاء المهلب أسلمت … له شفتاك الفم، والقلب طائر

فحتى متى هذا الفرار مخافة … وأنت ولي، والمهلب كافر

ولما رأت الخوارج نكول قطري عن الحرب، وما هم به من الفرار خلعوه عنهم، وولوا عبد ربه (٢) وكان من نُسَّاكهم، فسار بهم إلى قومس (٣)، فأقام بها) (٤).

انفرد بهذه الرواية صاحب الكتاب.

• نقد النص:

ذكرت هذه الرواية سبب اختلاف الخوارج مع قائدهم قطري بن الفجاءة؛ لأنه نَكَل عن الحرب، ثم ولوا عليهم عبد ربه بدلًا منه، وقد اختلفت المصادر في طرح خبر الخوارج.

ومما ذكر في سبب اختلاف الخوارج ونهايتهم:

ما رواه الطبري (٥): أن أول ما وقع به الخلاف بين الخوارج هو أنهم اختلفوا مع قطري بن الفجاءة في قتل رجل يدعى المقعطر، قد قتل منهم رجلًا فطلبوا من قطري أن يسمح لهم بقتله فرفض ووقع الخلاف، فعزلوا عنهم قطري وولوا بدلًا منه عبد ربه الكبير، وبايع بعضهم قطري، ثم تقاتلوا فيما بينهم، وقد توقف المهلب في هذه الفترة عن قتالهم؛ لأنه رأى أن ذلك يضعفهم، وكتب إلى الحجاج بذلك، فكتب إليه الحجاج بمناجزتهم، فرد عليه المهلب بتركهم على الحال التي هم فيها حتى يضعف بعضهم بعضًا، ثم خرج قطري ومن معه إلى طَبَرِستان (٦)، وناهض المهلب عبد ربه ومن معه فتقاتلوا فيما بينهم قتالًا شديدًا، فقَتَلَ منهم المهلب مقتلة عظيمة ولم ينجوا منهم إلا القليل.

ويذكر البلاذري (٧): أن أول ما وقع الخلاف بينهم في رجل اتهموه على امرأة يدخل عليها بغير إذن، فجمع قطري بينهم وبينه، فتلا عليهم ذلك الرجل قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} (٨) فبكوا وعانقوه وقالوا: استغفر لنا، فقال لهم عبد ربه الصغير: إنه خَدَعكم وأنه كما ظننتم به، فبايعه بعضهم وتنكروا لقطري، فانقسم عسكرهم إلى قسمين؛ قسم مع عبد ربه الصغير، وقسم مع قطري، فتقاتلوا فيما بينهم، ثم خرج قطري وفارقهم، فحارب المهلب، وقتل عبد ربه وطلب أصحابه الأمان.


(١) جيرفت: مدينة بكرمان، وهي من أعيان مدنها، فتحت في أيام عمر بن الخطاب. الحموي: البلدان ٢/ ١٩٨.
(٢) عبد ربه الصغير مولى بني قيس، وابن عبد ربه الكبير مولى بني يشكر. البلاذري: الأنساب ٧/ ٤٣٧.
(٣) قومس: كورة واسعة فيها مدن وقرى ومزارع، تقع في ذيل طبرستان، بين الري ونيسابور. الحموي: البلدان ٤/ ٤١٤.
(٤) الأخبار الطوال ٢٧٧.
(٥) التاريخ ٦/ ٣٠١.
(٦) طبرستان: من بلاد خرسان، وهو بلد كثير الحصون والأودية، وأهلها من أشراف العجم. الحميري: الروض المعطار ٣٨٣.
(٧) الأنساب ٧/ ٤٣٥.
(٨) سورة النور، الآية: ١١.

<<  <   >  >>