للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لما سأل أبا جعفر عن المختار قال: (إنّ عليّ بن حسينٍ قام على باب الكعبة، فلعن المختار، فقال له رجلٌ: جعلني اللّه فداك، تلعنه وإنّما ذبح فيكم؟ فقال: إنّه كان كذّابًا، يكذب على اللّه وعلى رسوله) (١).

وقد ابتدأ المختار دعوته في الكوفة سنة أربع وستين، وكانت متزامنة مع حركة التوابين التي يقودها سليمان بن صرد فانحازت طائفة من الشيعة إليه، وكان سليمان أثقل شيء عليه (٢).

[ثالثا: عقيدة المختار]

ذكر الشهرستاني (٣): أن المختار بن أبي عبيد الثقفي، كان خارجيًا، ثم صار زبيريًّا، ثم صار شيعيًّا، وما انتظم أمره بالكوفة إلا بأمرين هما:

الأول: انتسابه إلى محمد ابن الحنفية علمًا ودعوة.

والآخر: أنه أخذ على عاتقه الثأر من قتلة الحسين -رضي الله عنه-.

وقد ادعى المختار النبوة، وقال بعقيدة البداء على الله سبحانه وتعالى.

وقال الشهرستاني: (وإنما صار المختار إلى اختيار القول بالبداء؛ لأنه كان يدعي علم ما يحدث من الأحوال، إما بوحي يوحى إليه، وإما برسالة من قبل الإمام، فكان إذا وعد أصحابه بكون شيء وحدوث حادثة؛ فإن وافق كونه قوله، جعله دليلًا على صدق دعواه، وإن لم يوافق قال: قد بدا لربكم)، وقال: (وكان لا يفرق بين النسخ والبداء؛ قال: إذا جاز النسخ في الأحكام، جاز البداء في الأخبار) (٤).


(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات، ٥/ ٣١٣. والدولابي في الكنى ٢/ ٤٦٤ من طريق محمد بن علي أبي جعفر.
(٢) البلاذري: الأنساب ٦/ ٣٦٧.
(٣) الملل والنحل ١/ ١٤٧.
(٤) المصدر السابق ١/ ١٤٨. وقال إن من مذهب المختار: أنه يجوز البداء على الله تعالى، والبداء له معانٍ: البداء في العلم وهو أن يظهر له خلاف ما علم؛ ولا أظن عاقلًا يعتقد هذا الاعتقاد، والبداء في الإرادة، وهو أن يظهر له صوابًا على خلاف ما أراد وحكم.
والبداء في الأمر: هو أن يأمر بشيء، ثم يأمر بشيء آخر بعده بخلاف ذلك. ومن لم يُجِزِ النسخ ظن أن الأوامر المختلفة في الأوقات المختلفة متناسخة.

<<  <   >  >>