الفرس وملوكهم، وأشاد بهم وبملكهم وذكر شيئًا من مآثرهم، ثم أتى على جزء من تاريخ العرب والروم وعلاقتهم بالفرس، ثم أشار لظهور الرسول -صلى الله عليه وسلم- وربط تاريخ ذلك بتاريخ زعماء الفرس، ولم يعط هذا الحدث أيّ اهتمامٍ يُذْكر، وأما في عهد الخلفاء الراشدين فقد تتبع الفتوحات مع الفرس ثم أطال الحديث عمَّا حدث بين علي -رضي الله عنه- ومعاوية -رضي الله عنه-، أما في خلافة بني أمية فقد انتهج المؤلف في هذا الجزء نهجًا يثير الغرابة، وقد تمثل ذلك في تسجيله لأحداث هذه الدولة، حيث قام بحصر أخبار الفتن والحروب وعرضها بشكل مطوَّل، ومن ذلك قتل مسلم بن عقيل، وقتل الحسين -رضي الله عنه-، ومعركة الحرة، وفتنة المختار، وفتنة الخوارج، وفتنة بن الأشعث، وفي المقابل يُغْفل ويهمل الجوانب المشرقة في هذه الحقبة من التاريخ، مثل الفتوحات وغيرها من الإصلاحات التنظيمية والعمرانية.
ثم أتى على الدعوة العباسية وخص أبا مسلم بشيء من العناية وأشاد به.
وأما في معرض الحديث عن الدولة العباسية فلم يأتِ إلا بشيء يسير من الأحداث، ثم رتب ولايتهم ترتيبًا حوليًّا على غير عادته وذكر تاريخ ولاياتهم ووفياتهم، وكان هذا الجزء أقصر ما في كتابه.
* أصل المؤلف وميوله وعصره:
بعد عرض الأدلة والبراهين التي تبين من خلالها أن أبا حنيفة الدينوري لم يؤلف هذا الكتاب وهو أبعد ما يكون عنه، بقي أن أتعرف على اسم صاحب الكتاب والفترة التي عاشها، وهذا أيضًا لم أجد ما يسعفني من معلومات لكي أستند إليها، فليس في كتابه شيء يمكن من خلاله التعرف على اسمه، ومن جهة معرفة زمانه أيضًا لم يأت المؤلف بأي من صيغ السماع المباشر مثل: حدثنا، أو حدثني، أو أخبرنا، أو أخبرني، أو أنبأنا، أو أنبأني، أو سمعتُ، أو قال لي فلان،