ولو أنه أتى بهذه الصيغ لعرفت من عاصره، ومن أخذ منهم مباشرة.
والذي وجدت في كتابه صيغ تحتمل السماع مثل قوله:(قال الهيثم)، (قال الأصمعي)، (قال الشعبي).
ولم أجد إلا شيئًا واحدًا يفيدنا بزمنه وهو توقفه عن الكتابة في سنة ٢٢٧ هـ، وهذا نستأنس به، ولا يمكن أن نعتمد عليه أيضًا؛ لأننا لا نملك ما يسانده.
ولعلّ مؤلف الكتاب حرص على عدم إظهار اسمه وزمنه، فأخفى كل ما يدلّ عليه، وربما نحله مباشرة أو بعد زمن على رجل مشهور وهو (أحمد بن داود أبو حنيفة الدينوري)، والمتهم في ذلك هو ابن النديم، فهو ورّاق شيعي، وبعده تناقله المصنفون من غير تحقيق.
والذي أجزم به أن الكتاب ظهر في زمن البويهيين، وهم شيعة فرس وقد بينت ذلك مفصلًا فيما سبق وذلك عند الحديث عن ابن النديم ونسبة الكتاب.
ولذلك لا أستطيع أن أنسب الكتاب لأحد دون برهان.
لكن لا يخفى على من يطَّلع على هذا الكتاب أن صاحبه كان من الفرس، ويثبت ذلك تتبعه لسير ملوك الفرس والعناية الفائقة بتاريخهم والإشادة بهم وبحكمهم، وبغلبتهم على سائر الأقوام في ذلك الزمان، ثم يتحول إلى أبي مسلم الخراساني ويشيد بجهوده في سبيل الدعوة العباسية ويجعل له كل الفضل والأثر في قيام الدولة العباسية.
وهذا مما لاشك فيه أنه مذهب الشعوبيين الذين أخذوا على عاتقهم مدح الفرس وتنقص العرب.
ومما يدل على فارسيته أنه أورد في كتابه في كثير من المواضع كلمات فارسية منها قوله: (ويقال إن ذلك المكان بموضع من الماء يسمى داى مرج،