ثانيًا: تولِّي المهلب بن أبي صفرة الحرب على الخوارج
* خبر تولِّي المهلب قتال الخوارج في عهد عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه-:
[١٢٢]- (فقال الأحنف بن قيس للحارث بن عبد الله: أيها الأمير، اكتب إلى أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير، وسله أن يكتب إلى المهلب بأن يخلف على خراسان رجلًا، ويسير إلى الخوارج، فيتولى محاربتهم. فكتب.
فلما انتهى كتابه إلى عبد الله بن الزبير كتب إلى المهلب:
بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله أمير المؤمنين إلى المهلب بن أبي صفرة، أما بعد، فإن الحارث بن عبد الله كتب إليّ يخبرني أن الأزارقة المارقة قد سعرت نارها، وتفاقم أمرها، فرأيت أن أوليك قتالهم لما رجوت من قيامك، فتكفي أهل مصرك شرهم، وتؤمن روعتهم، فاخلف بخراسان من يقوم مقامك من أهل بيتك، وسر حتى توافي البصرة، فتستعد منها بأفضل عدتك، وتخرج إليهم، فإني أرجو أن ينصرك الله عليهم، والسلام.
فلما وصل كتابه إلى المهلب خلَّف على خراسان، وأقبل حتى وافى البصرة، فصعد على المنبر، وكان نَزْر الكلام وجيزه، فقال:
أيها الناس، إنه قد غشيكم عدو جاحد، يسفك دماءكم، وينتهب أموالكم، فإن أعطيتموني خصالًا أسألكموها قمت لكم بحربهم، واستعنت بالله عليهم، وإلا كنت كواحد منكم لمن تجتمعون عليه في أمركم.
قالوا: وما الذي تريد؟
قال: أنتخب منكم أوساطكم، لا الغني المثقل، ولا السبروت (١) المخف، وعليّ أن لي ما غلبت عليه من الأرض، وألا أخالف فيما أدبر من
(١) السّبروت، والسّبرات: المحتاج المقلّ. وقيل: الّذي لا شيء له. الزبيدي: تاج العروس ٤/ ٥٤٥.