للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثًا: دخول عبيد الله بن زياد الكوفة ومقتل مسلم بن عقيل

[٤٤]- (ثم أقبل حتى دخل المسجد الأعظم، فاجتمع له الناس، فقام، فقال: أنصف القاره (١) من راماها، يا أهل البصرة إن أمير المؤمنين قد ولاني مع البصرة الكوفة، وأنا سائر إليها، وقد خلفت عليكم أخي عثمان بن زياد (٢)، فإياكم والخلاف والإرجاف، فو الله الذي لا إله غيره، لئن بلغني عن رجل منكم خالف أو أرجف لأقتلنه ووليه، ولأخذن الأدنى بالأقصى، والبريء بالسقيم حتى تستقيموا، وقد أعذر من أنذر. ثم نزل، وسار، وخرج معه من أشراف أهل البصرة شريك بن الأعور (٣) والمنذر بن الجارود، فسار حتى وافى الكوفة، فدخلها، وهو متلثم.

وقد كان الناس بالكوفة يتوقعون الحسين بن علي وقدومه، فكان لا يمر ابن زياد بجماعة إلا ظنوا أنه الحسين فيقومون له، ويدعون ويقولون: مرحبًا بابن رسول الله، قدمت خير مقدم.

فنظر ابن زياد من تباشيرهم بالحسين إلى ما ساءه، وأقبل حتى دخل


(١) وأصله أن رجلان التقيا أحدهما قاريّ، والآخر أسديّ، فقال القاريّ: إن شئت صارعتك، وإن شئت سابقتك وإن شئت راميتك، فقال: اخترت المرامات: فقال القاريّ: قد أنصفتني، وأنشد:
قد أنصف القارة من رماها … أنا إذا ما فئة نلقاها نرد أولاها على أخراها
ثم انتزع له سهمًا وشك فؤاده، قال السهيلي: فمعنى المثل إن القارة لا تنفد حجارتها إذا رمي بها، فمن راماها فقد أنصف. الزبيدي: تاج العروس ١٣/ ٤٩٠.
(٢) عثمان بن زياد بن أبيه، ولاه أخوه عبيد الله بن زياد البصرة حينما شخص إلى الكوفة. البلاذري: الأنساب ٢/ ٧٨. الطبري: التاريخ ٥/ ٣٥٨.
(٣) شريك بن الأعور الحارثي، شاعر من أهل البصرة، وفد على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وكان من أصحاب علي -رضي الله عنه-، ووفد على معاوية -رضي الله عنه-، صحب عبيد الله بن زياد عن دخوله إلى الكوفة في أحداث مسلم بن عقيل، وتوفي بعد خروج مسلم بثلاثة أيام، ابن عساكر: تاريخ دمشق ٧٣/ ١٦٦.

<<  <   >  >>