للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٣٤]- (وإن الحجاج كتب إلى المهلب: أما بعد، فقد طاولت القوم وطاولوك، حتى ضروا بك ومرنوا على حربك، ولعمري لو لم تطاولهم لانحسم الداء وانفصم القرن، وما أنت والقوم سواء، إن خلفك رجالًا وأموالًا، والقوم لا رجال عندهم ولا أموال، ولن يدركك الوجيف (١) بالدبيب، ولا الجد بالتعذير، وقد بعثت إليك عبيد الله بن موهب (٢)، ليأخذك بمناجزة القوم وترك مطاولتهم، والسلام.

فلما قدم عبيد الله بن موهب على المهلب بكتاب الحجاج كتب إليه في جوابه:

أما بعد، فإنه أتاني من قبلك رجلان، لم أعطهما على الصدق ثمنًا، ولم أحتج مع العيان إلى التقدير، ولم يكذبا فيما أنبآك به من أمري وأمر عدوي، والحرب لا يدركها إلا المكيث، ولا بد لها من فرجة يستريح فيها الغالب، ويحتال فيها المغلوب، فإما أن أنساهم وينسوني فهيهات من ذلك، والقوم سُدًى، فإن طمعوا أقاموا، وإن يئسوا هربوا، فعليَّ في مقامهم القتال والحرب، وفي هربهم الجد والطلب، وأنا إذا طاولتهم شاركتهم في رأيهم، وإذا عاجلتهم شركوني في رأيي، فإن خلَّيْتَنِي ورأيي فذاك داء محسوم وقرن مفصوم، وإن عجلتني لم أطعك ولم أعصك، وكان وجهى إليك بإذن منك، وأنا أعوذ بالله من سخط الأمراء ومقت الأئمة، والسلام.

فلما قرأ الحجاج كتابه كتب إلى المهلب: إني قد رددتُ الرأيَ إليك، فدَبِّرْ ما ترى، واعمل ما تريد.


(١) الوجيف: هو ضرب من السير السريع. ابن الأثير: النهاية في غريب الحديث ٥/ ١٥٧.
(٢) لم أقف على ترجمته.

<<  <   >  >>