للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأباطيل فلا تكاد تسمع عن عظيم من عظماء المسلمين إلا وحوله شيء يذهب فعله وجميل صنعه.

ومن أمثلة ذلك حقبة تاريخ بني أمية، التي لم تُعْطَ حقها من التاريخ، بل قد تعرضت لهجمات من جهات عدة؛ تمثلت ببعض من أعقبهم من بني العباس، ثم من الشيعة والشعوبيين (١)؛ وكل ذلك جاء لأن كتابة تاريخها تأخر إلى ما بعد سقوطها فأصبح مدعاةً للنيل منها.

وهي في حقيقتها دولة مباركة قامت في القرن المفضل وقد أعقبت دولة الخلافة الراشدة التي هي خير الدول، فكثير من الصحابة رضوان الله عليهم أدركوها وقد بدأت بمعاوية -رضي الله عنه- وهو صحابي جليل، فلذلك انعدم وجود دولة بعدها تأخذ مميزاتها.

ويكفي من ذلك دخول بني أمية وحكمهم في قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «خيركم قرني، ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ الّذين يلونهم» (٢).

ثم اقرأ قول ابن كثير رحمه الله عنهم: (فكانت سوق الجهاد قائمة في بني أمية، ليس لهم شغل إلا ذلك، قد علت كلمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، وبرها وبحرها، وقد أذلوا الكفر وأهله، وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعبًا، لا يتوجه المسلمون إلى قطر من الأقطار إلا أخذوه، وكان في


(١) الشعوبية: وهم الذين يرون تفضيل العجم على العرب ويتمنون عود المُلْك إلى العجم. الإسفراييني: الفرق بين الفرق ص ٢٨٥. وعرفت بأنها مجموعة الأشخاص والمواقف والآراء المعادية للعرب، التي ذهبت في ذمهم كل مذهب، وعملت على تشويه حضارتهم وهدم كيانهم، وفضلت غيرهم من الشعوب عليهم متظاهرة بالإسلام حينًا وبالولاء القبلي والحزبي أحيانًا، ورفعت شعار المساواة تسترًا وتغطية من أجل تمرير مؤامراتها وتحقيق أهدافها. عبد الله السامرائي الشعوبية ص ١٢٢.
(٢) البخاري: الصحيح ٣/ ١٧١.

<<  <   >  >>