فلو عمل ابن الأشعث على نقل مظالم الحجاج لأهل العراق بطرق سلمية؛ لكان ذلك أجدر من حمل السلاح ومقارعة الحكام بالقوة؛ لأن عبد الملك لم يكن ليفرط بالعراق بسبب الحجاج، ودليل ذلك ما هم به من عزله لما رأى جد أهل العراق في ذلك، لكنه تأخر كثيرًا حتى سفكت الدماء وهاجت الفتنة بينهم.
وقد كان الحسن البصري يَنْهَى عن قتال الحجاج، وكان رأيه في ذلك لما سأله نفر ممن يريد قتال الحجاج فقال الحسن:«أرى ألا تقاتلوه؛ فإنّها إن تكن عقوبةً من اللّه فما أنتم برادّي عقوبة اللّه بأسيافكم، وإن يكن بلاءً فاصبروا حتّى يحكم اللّه وهو خير الحاكمين» قال: فخرجوا من عنده وهم يقولون: نطيع هذا العلج؟ قال: وهم قومٌ عربٌ، قال: وخرجوا مع ابن الأشعث قال: «فقتلوا جميعًا»(١).