في الدرهم للضرورة، وخالف أصله، فقد روي عنه أنه قال: كنا نمنعه ويخالفنا أهل العراق، ثم أجزناه لضرورة الناس، ولأنهم لا يقصدون به صرفاً، فإذا تقرر هذا فيقال: كان الأولى في الوزن أن يكون بميزان غير القلسطون حتى يتحقق به مقدار النقص، فإن الدرهم إذا وزن بالقلسطون إنما يفيد معرفة وزنه من نقصه، وأما مقدار ما بين درهمين فلا، وجرى العمل من الشيوخ بالمسامحة في الرد به للضرورة، لأنه لا يوجد ميزان غيره لذلك، وقد يكون الدرهم يهبط في القلسطون من كل جهة، ويكون المردود عليه يهبط فيه من جهة واحدة وبالعكس، فقد تحقق عدم التساوي بين الدرهمين، ولكن سمحوا بهذا للضرورة مراعاة لمذهب أهل
العراق، فإنهم يجيزون فضة بفضة وسلعة، ويجعلون ما يقابل ما نقص من الفضة عن الفضة الأخرى في مقابلة السلعة، والإمام قد راعى هذا في مسألة الرد، وهم لا يشترطون تساوي الفضتين، فكذلك يلزم في هذا، فعلى هذا يجوز رد القيراط من غير وزن إذا لم يوجد له ميزان واضطر لذلك، لأنه إذا كان من تقدم من الشيوخ لا يمنع الرد بالقلسطون للضرورة وهو يتحقق فيه التفاضل لكون أحد الدرهمين أكثر وزناً من الآخر ومراعاة لمذهب أبي حنيفة ولقول الإمام: أجزناه لضرورة الناس، ولأنهم لا يقصدون به صرفاً فكذلك هذا، وقد أخبرني به وابن القباب رحمهما الله أنه إذا كان المردود وازناً في بعض الموازين لا يلزم البائع بدله، لأنه كالاختلاف في وجود العيب، فلم يراعيا ما يتوقع من الربا، ووجه ذلك ما تقدم، والله أعلم.