مانعُ السلف، وكذلك أجاز في المدونة كراءَ البقرةِ للحرث واشتراط لبنها، وهي أيضاً قد اشتملتْ على كراءٍ وبيع أُلغي اللبن لما كان تابعاً لكراء البقرة، وهذه أيضاً مثل مسألتنا، بل كان المنعُ إليها أقرب، إذ بيع لبنِ بقرةٍ على انفراده لا يجوز.
أما ثانياً فلأنَّ عدم وصف البجول الثاني فيه غرر لا ربا فيه، وإنما هو من الغرر، وله حكمه، ومن حكمه اعتفارُهُ إذا كان يسيراً غيرَ مقصود، أما يسارتُه فبينةٌ لأنَّ المنسج مما يضبط رِقة البجول أو خشونته وكذلك يضبط عرضه، وإنما يبقَى غيرَ معلوم طولُه، وذلك عندهم غير كثير، ولأنَّ العادةَ إذا جرت بالمسامحة فيه وعدم المناقشة والرضى به أيًّا ما كان، فهي غيرُ مقصود، كما ذكر في السؤال، ولأنه تبع أيضاً لغيره، والغرر أيضاً في الأتباع ليس منعه بذلك، فقد
أجازوا بيع الثوب في داخله القطن، ولا يجوز بيعُ القطن وحده غير مرئيٍّ.
الباجي والمازري: يجوز الغرر اليسيرُ غير المقصود، وأصله جواز بيع الثمرة بعد بدوِّ صلاحها، وإن كانت العاهة غير مأمونة، والشرب من فم السقي والناس يختلفون في مقدار حاجتهم.
هذا وللنظر أيضاً في هذه المسألة مجالٌ لِمَا تقرَّرَ من أنَّ مذهب مالك - رضيالله عنه - القولُ بالمصالح المرسلة وهي أن تكون المصلحةُ كليةً محتاجاً إليها، كقوله بجواز تأخير الإجارة في الكراءِ المضمونِ - أعني كراء الدابة إذا نقد الدينارُ أو نحوه، وعلَّله بأنَّ الأكرياء اقتطعوا أموال الناس، فانظر كيف أجاز بالتَّبَع للضرورة، فمن باب أولى أن لا يمنعَ بالتبع إذا كانت الضرورةُ موجودة، إلى غير ذلك من المسائل التي اعتلَّ في إجازتها بحاجة