الأول: أنه ينبني على استخراج الطول والعرض بشكل هندسي لا يسع ذكره هنا يخط خطاً من نقطة عرض الموضع الذي يريد إلى عرض مكة على استقامة وتخرج على استقامة في الربع الآخر، أشار إلى هذا الغزالي في كتاب الإحياء وقاله ابن جمهور، وابن حسان عمله لأمير المؤمنين المنصور بمراكش، وأمر المنصور برفعه للخزانة وهو يتضمن صحة ما عمله الموحدون من نصبهم القبلة
بمراكش على وسط الجنوب بتقريب، وهذا العمل بمدينتنا غرناطة يخرج القبلة على وسط الجنوب بتقريب.
القول الآخر: قول ابن الزبير في رسالته: إن الكعبة على ثلاثة عشر جزءاً من الربع الجنوبي بنسبة أرضنا، بناءً منه على أن طول مكة سبع وستون درجة، وهو معْتَرَضٌ.
القول الثالث: إنها تكون من قطرنا على ست درجات أو سبع بتقريب، بناء على أن طول مكة سبع وسبعون، وهذا هو الصحيح على ما قاله ابن جمهور وغيره من أهل هذا الشأن، ومن نظر إلى كتبهم الموضوعة في أطوال البلدان تبين له أن الأكثر على أن طول مكة سبع وسبعون، حتى رأيت بعض المحققين منهم نسب الغلط إلى قول من قال: إنه سبع وستون، ورأى أنه تصحيف وأن العين اختلت من عز فظن الناسخ أنه صاد وأنه صز.
فإذا تقرر هذا فيقال: قد تبين أن المشهور اعتبار الجهة، وهي تحصل على هذه الأقوال باعتبار الوسط وكذلك يمكن أن يكون على القول باعتبار المسامتة كما تسامت النجوم، ولا يجب الالتفات للسمت المطلوب عند أهل الآلة باتفاق كما تقدم، وكذلك قول شراح قصيدة الهاشمي تقتضي صحة الوسط، لأن الشمس تطلع في نصف كانون الأول، وهو دجنبر، على أربع وعشرين درجة، وهو آخر الميل الكلي في جهة الجنوب ومن المعلوم أن مستقبل وسط الربع تستقبله سواء استقبلها باعتبار الجهة أو بالسمت كما تسامت النجوم، وكذلك قول ابن العربي في الأحكام يقتضي صحته أيضاً، لأنه إذا استقبل طلوع الشمس في نصف دجنبر ومال منها إلى المشرق بنحو ذراع حصل صحة الوسط في استخراج الجهة والسمت كما تسامت النجوم.