وأما في البيوع والسَّلَمِ والمعاملات فتُعْتَبَرُ العوائدُ وما جرى به عرفُ كل موضعٍ من كيلٍ أو وزن، ولا أعلمُ في ذلك خلافاً، فالتمر مثلاً كان المعروف فيها بالشرع الكيل، وعندنا المعروف فيها الوزن فلا يجوز عندنا التعامل فيها بالكيل، لأنه مجهول فيقع في الغرر، وقد نهى النبيصلى الله عليه وسلم عن بيعِ الغرر فيخص بهذا النهي قولهصلى الله عليه وسلم: المِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ المَدِينَةِ الحديث المتقدم.
وأما المبادلةُ فيما تطلب فيه المساواةُ شرعاً فهل يُعتبر فيهَا ما هو معتادٌ في موضع التعامل كالبيوع، وإن خالفَ عادة الشرع، أو لا يُعتبر إلا ما اعتبر فيه في الشرع من كيل أو غيره؟
اختُلِفَ في ذلك على قولين:
أحدهما: أنه اعتبر ما جرت به العادةُ في موضع التعامل، وهذا قول ابن القصَّار، فأجاز مبادلة القمح بالقمح وزناً، وأجاز مبادلة القمح بدقيقه وزناً، وقيد إحدى الروايتَيْنِ عن مالك بالمنع من مبادلة القمح بالدقيق إلاَّ إذا كانت بالكيل، ورأى أنها إذا كانت بالميزان جازت كما قال في الرواية الأخرى.
والقول الثاني: أنه يُعتبر فيها ما قرر في الشرع في ذلك الشيء من كيل أو وزن، وهذا قول الباجي ومال إليه بعده جماعة من المتأخرين كابن