العرف وقع في الجهل والغرر، لأن بعضَ القمح أخفُّ وزناً من غيره، بخلاف المبادلة فإنها في معين.
ووجه آخر وهو أنْ يُقال: القرض بُني فيه على المسامحة في القضاء، فيجوز اقتضاء أقلَّ مع الرضى باتفاق واقتضاء أكثر من غير شرط على اختلاف، والمبادلة لا يجوز فيها شيءٌ من المسامحة بالزيادة أو النقصان، وإن كان مع الرضى، باتفاق.
فيدل هذا على افتراق البابين، وأن القرض يُسمح فيه ما لا يُسمح في المبادلة، فقد بُني فيه على ما يحصل به التماثل بالعادة ولا يلزم ما اعترف به الشرع ويضيق فيه كما ضُيِّقَ في باب المبادلةِ، ولأن القرضَ أصلُه المنعُ لأنه مبادلة بالتأخير، ولكن سمح فيه لما فيه من الرفق فهو مبني على التخفيف.
ووجه آخر: أن التفاضُلَ في مبادلة العرض بالعرض جائزةٌ، وفي القرض يمنع باتفاق مع الشرط، لكونه سلفاً جرَّ منفعةً، فدلَّ على أنَّ عِلَّةَ المنعِ في البابين ليست واحدة وأنها في المبادلة التفاضلُ وفي السلف الوقوعُ في سلفٍ جرَّ منفعةً، وإذا افترقت علةُ المنعِ لم يُقَسْ أحدُ البابين على الآخر، وهذا كله على طريقة الباجي.
وأما على طريقة ابن القصار فيجوز بلا إشكالٍ، لأنه إذا أجازه في المبادلة فمن باب أولَى أنْ يجيزَهُ في السَلفَ.