والمعروف بين الناس، لا سيما الدقيق بين الجيران، ولأن قضاءً أقل إذا رضيه المسلف جائز باتفاق، وقضاء أكثر من غير شرط، إذا رضي المتسلّف، جائز مطلقاً على قول ابن حبيب وعيسىبن دينار، ويجوز عند أشهب إن كانت الزيادة يسيرة، ووجه الجواز مطلقاً قولهصلى الله عليه وسلم: خَيَارُكُمْ أحْسَنَكُمْ قضاءً، فحمله على إطلاقه في زيادة الصفة، وروى البزَّار عن ابن عباس رضيالله عنه أن رسولاللهصلى الله عليه وسلم: اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ أرْبعينَ صَاعاً فَرَدَّ إلَيْهِ ثمانين: أَرْبَعِينَ عَنْ سَلَفِهِ، وأَرْبَعِينَ فَضْلاً.
فقد تبينّ من هذا أن باب المبادلة لا يُسْمَح فيه بِشَيْءٍ من التفاضل اختياراً بخلاف القرض، ولا يقاس فرع على أصل إلا بشرط اتفاقهما في العلّة، ومهما حصل فرق لم يصح القياس.
ووجه آخر: وهو أن العلة في منع الزيادة في المبادلة التفاضل، وفي السلف عند من منع ردّ الأكثر الوقوع في سلف جرّ منفعة، وهو ممنوع لا للتفاضل بدليل أنه منع ذلك في سلف العروض وهي لا يدخلها الربا، وقد أجاز اقتضاء أقل في الطعام وغيره، والطعام يدخله الربا، وإذا اختلفت العلة لم تقس إحدى المسألتين على الأخرى.
ووجه آخر: وهو أنه من باع طعاماً بثمن لم يجز أن يَقتضيَ بعد المفارقة من ذلك الثمن طعاماً من جنس الطعام المبيع أجود أو أكثر باتفاق، وقد نصّ في المدونة أنه من أسلف آخر مائة درهم تنقص نصفاً أنه يجوز أن يقتضي منها مائة وازنة.