كما روى الإمام مسلم أنه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«فَإِنَّ خَيْرَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ».
والسنة النبوية عند علماء الأصول هي كل ما ثبت عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من قول أو فعل أو تقرير.
والسنة بهذا تكون مع القرآن الكريم المصدر الأساسي للتشريع الإسلامي. وفي هذا قال الله تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}[النساء: ٥٩].
لما كان ذلك كذلك فإنه ليس بمسلم من ردِّ السنة النبوية حتى لو زعم أنه يؤمن بالقرآن الكريم ويعمل به، لأنَّ ردَّ السنة تكذيب لدعواه الإيمان بصدق القرآن، لأنَّ الله يقول:{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}[النساء: ٦٥]، والمؤمن لا يمكن أنْ يتلمس من القرآن ما يظن أنه يناقض بعضه أو يناقض سنة النبي لأنَّ الله تعالى يقول:{إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}[النجم: ٤]. وقد روى أحمد وابن ماجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سَمِعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْمًا يَتَدَارَؤُونَ (١) فَقَالَ: «إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِهَذَا ضَرَبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، وَإِنَّمَا نَزَلَ كِتَابُ اللَّهِ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا فَلاَ تُكَذِّبُوا بَعْضَهُ بِبَعْضٍ فَمَا عَلِمْتُمْ مِنْهُ فَقُولُوا بِهِ وَمَا جَهِلْتُمْ فَكِلُوهُ إِلَى عَالِمِهِ».
إنَّ الذين يَرُدُّونَ السنة النبوية في عصرنا قد يقولون إنهم لاَ يَرُدُّونَ السنة التي لم تَرِدْ في القرآن الكريم، وهؤلاء قد أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في حديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ونصه: «أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ الكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلاَ يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا القُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ