للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ» (١)، وأما الاحتجاج بحديث: «فما أتاكم يوافق القرآن فهو عني وما أتاكم يخالف القرآن فليس مني» فهو من وضع الزنادقة كما قال الشافعي والمديني شيخ البخاري (" لمحات في أصول الحديث " للدكتور محمد صالح: ص ٣٧).

فالقرآن والسنة كلاهما من عند الله تعالى والرسول ليس إلاَّ مبلِّغاً وقد عصمه الله من الخطأ في التبليغ إذْ قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧].

إنَّ الإجماع منعقد على أنَّ من رَدَّ السنة النبوية فقد ارتدَّ عن الإسلام، وفي هذا قال الفقيه ابن حزم الأندلسي: «لَوْ أَنَّ امْرِءًا قَالَ: لاَ نَأْخُذُ إِلاَّ بِمَا وَجَدْنَا فِي القُرْآنِ لَكَانَ كَافَرًا بِإِجْمَاعِ الأُمَّةِ» (٢).

إنَّ الله الذي عصم النبي في أداء الرسالة قد تعهَّد بحفظها فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩]، ولهذا كان الوحي يستدرك على الرسول إنْ اجتهد قبل أنْ ينزل الوحي. وفي هذا روى الترمذي وابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي في " الدلائل " عن ابن مسعود قال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ جِيئَ بِالأَسَارَى فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَوْمُكَ وَأَهْلُكَ اسْتَبْقِهِمْ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَذَّبُوكَ وَأَخْرَجُوكَ فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ. ولم يرد عليهم شيئاً فَقَالَ أُنَاسٌ يَأْخُذُ بِقَوْلِ أَبِى بَكْرٍ، وَقَالَ أُنَاسٌ: يَأْخُذُ بِرِاْيِ عُمَرَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيُلَيِّنُ قُلُوبَ رِجَالٍ


(١) الحديث رواه أبو داود كما أخرجه بسياق آخر الترمذي في " باب العلم " وابن ماجه في " المقدمة " حديث رقم ١٢، المرجع " سنن أبي داود لشرح الخطابي ":ج ٥ ص ١٠، وانظر " التاج الجامع للأصول ": ج ١ ص ٤٦ والبند ٣ ص ٢٤.
(٢) " الأحكام في أصول الأحكام " لابن حزم: جـ ١ ص ١٠٩.

<<  <   >  >>