يقول في كتابه " العقيدة والشريعة ": «ألوف الأحاديث هي من وضع العلماء الذين أرادوا أن يجعلوا من الإسلام دينًا شاملاً فخلقوا هذه الأحاديث، والقرآن لم يعط من الأحكام إلا القليل، ولا يمكن أن تكون أحكامه شاملة لهذه العلاقات غير المنتظرة».
هذا المستشرق لم يجد لمزاعمه دليلاً، ولكن بعض المسلمين التمسوا الدليل في سببين:
١ - الأول هو حديث موضوع نصه:«[إِذَا جَاءَكُمُ الْحَدِيثُ] فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ وَافَقَهُ فَقَدْ قُلْتُهُ وَمَا خَالَفَهُ لَمْ أَقُلْهُ»، وما يؤكد عدم صحته أنه يتعارض مع حديث آخر صحيح رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ونصه:«لاَ أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الأَمْرُ مِنْ أَمْرِي، مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي، مَا وَجَدْنَا فِى كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ»، وقد جاء هذا الحديث برواية أخرى وفيها يقول النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ [الكِتَابَ] وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلاَ يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا القُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ».
لقد كشف علماء الحديث أن الحديث الأول من وضع الزنادقة، قال بذلك يحيى بن معين وعبد الرحمن بن مهدي، كما قال الشافعي: أنه غير صحيح ويتعارض مع قول الله: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}[النساء: ٨٠]، ومع ما رواه " البخاري " و" مسلم ": «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ».
من هذه اللحمة يستبين أن المستشرقين قد أدركوا أن السنة تجعل الإسلام دينًا شاملاً كاملاً وبالتالي فلا سبيل لهدمها أو تطويرها إلا بتجميدها وأيسر وسيلة هي التشكيك فيها أو ادعاء أن أكثرها موضوع وهو المنهج الذي تبناه جولدتسيهر، أما بقية الأحاديث التي لا يستطيعون الطعن عليها فسبيل تجميدها هو القول بعرضها على القرآن، فإن جاءت بحكم ليس في القرآن لا تلتزم به.